لاقت سلاسل الكتل أو ما يسمى بتقنية «البلوكتشين» اهتماما وصدى عالميا واسعا وبشكل ملحوظ أخيرا؛ نظرا لكونها إحدى التقنيات المهمة التي تعد من مقومات الثورة الصناعية الرابعة والمساهمة في تغيير ملامح الاقتصاد العالمي ولإمكانياتها في فتح آفاق جديدة لتعزيز التنمية والابتكار وتحسين حياة الإنسان. وتعمل تقنية «البلوكتشين» على هيئة نظام سجل إلكتروني لمعالجة الصفقات وتدوينها، بما يتيح لكل الأطراف تتبع المعلومات عبر شبكة آمنة لا تستدعي التحقق من طرف ثالث. وكشف الخبير في الأمن السيبراني والتشفير علي الشهري ل«عكاظ» أن تقنية البلوكتشين عبارة عن سجل عام (قاعدة بيانات موزعة) مشابهة لسجل القيود العام في علم المحاسبة يسمح بتسجيل سلسلة من العمليات ذات العلاقة، الذي يكبر تباعا كلما زادت هذه العمليات. وأشار إلى أنه هذا السجل يتميز بأمان التشفير الذي يستخدم لضمان أمن ترابط هذه السلسلة والشفافية، التي لا تعتمد على طرف ثالث مستقل، حيث يتم تخزين نسخ من السجل عند جميع الأطراف المشاركة، وكذلك الموثوقية التي يمكن الرجوع والتأكد من سلامة بداية هذه السلسلة إلى نهايتها والمساهمة التي بإمكانيتها ربط عملية هذه السجلات (حيث إن القائمين عليها هم أفراد من الشبكة). إدارة الثقة بين الشبكات وقال الشهري: «من أهم الأسباب التي تجعل البلوكتشين مغرية للبنوك هي إمكانية تقليص وقت التحويلات البنكية بين الأطراف إلى وقت أقل بحكم إمكانية الاستغناء عن العديد من الأطراف التي تقع بين المحول والمستقبل، والهدف من تقنية البلوكتشين هو محاولة إدارة الثقة في شبكات الند للند دون شرط وجود طرف ثالث، حيث إنه من المعلوم بالضرورة وجود طرف ثالث موثوق يقوم بمهمة إدارة الثقة في كافة الشبكات التقليدية ومنها الإنترنت، وتعتبر البلوكتشين تقنية ذكية معتمدة بشكل أساسي على التشفير لتحقيق هدفها وهو رصد تسلسل عمليات ذات صلة بعضها ببعض بشكل يصعب التلاعب به». وأكد المستشار المالي والاقتصادي ماجد الصويغ أن قوة تقنية البلوكتشين تكمن في معيارين أساسيين؛ هما اللا مركزية، والشفافية العالية في إدارة المعاملات بكل أنواعها كالمدفوعات والحوالات البنكية أو تسجيل الملكية العقارية والهويات الوطنية أو تبادل الأصول والمستندات أوعمليات التصويت. ونوه إلى أنه بناءً على دراسة «Roopal Sanjeev» فإنه رغم أهمية تحقيق التقدم التكنولوجي لتطوير أي دولة، إلا أنه قد تهدد بعض التقنيات لبعض المهن مثل مهنة المحاسبة، وتوصلت هذه الدراسة إلى أن هذه التقنية ستحدث ثورة في العالم المالي من خلال إعادة تشكيل جذري لمهنة المحاسبة والمراجعة الحسابات من خلال خلق الفرص وكذلك التحديات لهؤلاء المهنيين، التي تفرض عليهم أن يكونوا على دراية بالابتكار التكنولوجي المالي. ولفت إلى أن هذه الدراسة توصلت إلي أنه يجب أن يتعامل هؤلاء المهنيون مع تقنية سلسلة الكتل باعتبارها بنية حوسبة تحويلية قادرة على تغيير عالم المحاسبة بأكمله، كما يجب على محترفي المحاسبة والمراجعة أن يتبنوا هذه التقنية لأنها جيدة من حيث الكفاءة وهي مفيدة للشركات. تحكم بتخزين وإدارة البيانات وبيّن أن أهم المزايا المحققة من تطبيق البلوكتشين بالقطاع المصرفي، تحقق للبنوك العديد من المزايا، التي تتمثل في أن المستخدمين أنفسهم يحافظون على التحكم في تخزين وإدارة البيانات الشخصية، تحقيق الثقة والشفافية في أداء المعاملات، تحقيق الثبات بأن يتم كتابة السجلات وتخزينها بشكل دائم وعدم التعديل لها. وأضاف: «لا حاجة إلى وجود سلطة رقابة مركزية الإدارة والمعاملات أو الاحتفاظ بالسجلات، وعدم الحاجة إلى طرف ثالث في عمليات التحويل، كما تتمثل العيوب الرئيسية في الاستهلاك الكبير في الأجهزة والطاقة والوقت اللازم لها، كما أن هذه التكنولوجيا معقدة وصعبة الفهم حتى وقتنا الحالي». وذكر أن «البلوكتشين» تقنية لا مركزية، تساعد في تخفيض التكاليف التشغيلية إلى الحد الأدنى، وتسمح بإجراء المعاملات المالية بوتيرة سريعة، وتوفر مستوى عالياً جداً من الأمان والثقة «وتضعف قابلية الاختراق أو فقدان البيانات وتغييرها»، منوهاً إلى أن هذه العوامل جعلت من «البلوكتشين» محط أنظار الشركات العالمية الكبيرة والمتوسطة منها.