يرى معلقون أن «دبلوماسية اللقاح» التي انتهجتها الصين، وسمتها بكين «طريق الحرير الصحي»، في سياق مساعيها للتغطية على الغضب الذي أثارته محاولاتها المستميتة لحجب الحقائق المتعلقة بأصل فايروس كورونا الجديد، ارتدت عليها بنتائج عكسية. فقد باعت الصين لقاحاتها لنحو 28 دولة. ومنحت كميات كبيرة منها هباتٍ لأكثر من 60 دولة، أو مناطق تعتبرها بكين مهمة استراتيجياً بالنسبة إليها. فقد عمد عدد من تلك الدول إلى إغلاق الكميات التي تسلمتها من الصين في المستودعات! ورفضت دول أخرى تسلم أي لقاحات صينية، بما فيها بولندا، وكوريا الجنوبية، وفيتنام، بدعوى أن تلك اللقاحات تفتقر إلى أي بيانات يمكن الاعتماد عليها. وبعدما أعلن الرئيس الفلبيني رودريغو ودتيرتي أنه سيخضع للقاح الصيني، عاد ليعلن أنه عدل عن رأيه. وفي تشيلي، حيث استخدمت هذه الدولة اللاتينية اللقاح الصيني لتنفيذ أسرع حملة تلقيح في العالم؛ فوجئ شعبها ومسؤولوها بعودة الفايروس ليشن هجمة أدت إلى خسائر فادحة في الأرواح. وفي تركيا وبّخ الرئيس التركي طيب أردوغان وزير الخارجية الصيني علناً، على تأخير شحنات اللقاح، ما اضطر السلطات التركية إلى إغلاق عدد من مراكز التطعيم. وفي المكسيك أعلنت الحكومة تأجيل إعطاء الجرعة الثانية من اللقاح لمن حصلوا على الأولى. وتدرس منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع البيانات المتاحة لإعطاء قرارها بشأن الموافقة أو رفض لقاحين صينيين. ويشكو علماء اللقاحات وسلامة الأدوية في العالم من أن اللقاحات الصينية لا تتوافر بيانات نتائج تجاربها السريرية، كما هو شأن اللقاحات والأدوية في العالم. وحصلت لقاحات أسترازينيكا، فايزر-بيونتك، وموديرنا، وجونسون آند جونسون على موافقة منظمة الصحة العالمية على استخدامها بعد قيام علماء المنظمة بدرس بيانات التجارب السريرية الموسعة لكل منها. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن أستاذ العلوم السياسية بجامعة سنغافورة البروفسور تشونغ جا إيان قوله إن حكومة بلاده قبلت هدية لقاحات صينية، حتى لا تحرج بكين. لكنها -أي سنغافورة- تدرك أنها لن تستطيع إقرار استخدامها في غياب البيانات الكافية المطلوبة. ودأبت الصين على استخدام لقاحي «ساينوفارم»، و«ساينوفاك» في «دبلوماسية اللقاح». الأول أنتجته شركة حكومية. وتزعم الصين أن نسبة فعاليته تبلغ 79%. أما الثاني فقد وزعت الصين منه أكثر من 260 مليون جرعة حول العالم، على رغم أن نسبة فعاليته راوحت بين 50.7% في البرازيل، و83% في تركيا. وذكرت دراسة في تشيلي أن الجرعة الأولى من لقاح ساينوفاك لم توفر مناعة بأكثر من 3%، ترتفع إلى 67% بعد الجرعة الثانية. ومع أن تشيلي قامت بتطعيم 4 من كل 10 من سكانها باللقاح الصيني؛ وهي نسبة مقاربة لعدد من تم تلقيحهم في بريطانيا؛ إلا أن معدل الوفيات بكوفيد-19 في تشيلي أكبر من نظيره في بريطانيا ب16 ضعفاً.