سجل الأديب حجاب الحازمي في سيرته الذاتية التي اختار لها عنوان: «من مشاوير الحياة... سيرة إنسان ومسيرة مجتمع» الكثير من المواقف والأحداث والقصص والشواهد الإنسانية لجيل عاش الكفاح والطموح في وقت كان كلّ شيء فيه قليلاً ونادراً، كما أرّخ للمجتمع، فكتب عن المكان، ونقل عنه الكثير من الصور والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية، وصوّر من خلال الكتابة المظاهر الاجتماعية التي كانت سائدة في تلك الحقبة الزمنية، إضافة إلى جوانب من صعوبة الحياة ومعاناة الناس معها. اعتمد الحازمي في كتابة سيرته الذاتية التي صدرت حديثاً عن شركة تكوين للنشر والتوزيع في 535 صفحة مدعمة بالصور الملونة على تقسيم حياته إلى ثلاثة مشاوير، كان عنوان المشوار الأول: مشاويري التعليمية والعلمية، فيما كان عنوان المشوار الثاني: مشاويري العملية، أما المشوار الثالث فقد اختار له عنوان: مشاويري الثقافية والأدبية. أرّخ الحازمي في مشواره الأول لدور والدته عائشة بنت إبراهيم بن عباس الحازمي في حياته بعد أن فقد أباه العلامة يحيى بن موسى بن عباس الحازمي وعمره عامان، حيث ساعده تعلّم والدته الديني التي كانت تحفظ القرآن الكريم وتهتم كثيراً بكتب السنة في تعليمه، فكانت معلمة القرآن الكريم على مستوى الأسرة والحيّ وحين انتشرت مدارس الشيخ القرعاوي في مدينة ضمد وبقيّة مدن المملكة توسعت مدرسة والدته كثيراً كغيرها من المدارس. قامت والدة الحازمي على تربيته وتعليمه فختم القرآن الكريم على يديها، وكتبه على لوح خشبي بقصب الذرة، كما كان لها دور كبير في تشجيعه على قراءة الكتب المفيدة حتى وجد نفسه يقبل على قراءة كلّ ما تصل إليه يداه من الكتب. التحق الحازمي بالتعليم في مدرسة ضمد الابتدائية قبل 1375ه ليجد الاسم ولا يجد المسمى، فلا فصول دراسية ولا مقاعد للطلاب ولا كتب ولا مدرسين، لكنه لم ييأس، فالتحق بمدرسة القرعاوي التي كانت تعدّ طلابها إعداداً علمياً جيداً، لكنها لا تمنح طلابها الشهادات ليكمل بعد ذلك تعليمه في معهد صبيا العلمي ثمّ جامعة الإمام ليتخرج فيها معلماً للغة العربية، ويعمل في معهد نجران العلمي معلماً للغة العربية. لم تخل حياة الحازمي من المواقف التي أورد بعضاً منها في سياق الكتابة، كسيرة أبيه العطرة التي أعادت له ريالين أجرة الحمار الذي أركبه أصدقاؤه المرافقون له بعد فقدانه وعيه أثناء عودته من معهد صبيا العلمي إلى مسقط رأسه ضمد، ولا قصّة المبنى المدرسى لثانوية ضمد الذي كان سبباً في خروجه غاضباً من مدير تعليم صبيا ومن التعليم العام بشكل كامل، وعودته إلى جامعة الإمام مديراً لمعهد صبيا العلمي عام 1418ه، ولا قصته تائهاً في الصحراء ما بين المويه وعفيف في بداية تعليمه الجامعي التي كاد بسببها يموت مع رفقاء رحلته عطشاً في الصحراء ! أما أكثرها تأثيراً في حياة الحازمي فقد كانت مع الدكتور حسان بن ضيف الله القرشي الأكاديمي في جامعة أم القرى، التي بدأت بمعلومة قاطعة ذكرها الدكتور القرشي أثناء حديثه عن التعليم في المملكة العربية السعودية، وكان الأديب الحازمي وقتها مرشحاً للالتحاق بدبلوم الإدارة المدرسية عام 1405ه عن تعليم صبيا، حيث ذكر القرشي أنّ جازان لم يكن بها تعليم يذكر، وكان موقف الحازمي أن تطوّع عن زملائه في القاعة ليسأل الدكتور عن المصدر الذي اعتمد عليه في نفي التعليم عن منطقة جازان وهي كما يقول الحازمي السابقة إليه بعد مكة واليمن منذ القرن السادس الهجري؟! وكانت نتيجة هذا الاحتجاج اللطيف أن كلّف الدكتور القرشي الأديب الحازمي بعمل بحث عن تاريخ التعليم في منطقة جازان وسيكون هذا البحث عنوان نجاح الحازمي في هذه الدورة، وبعد إتمامه لهذا البحث قبل موعده بأسبوعين كرمت الجامعة الأديب حجاب الحازمي بدرع الجامعة للتفوق العلمي وكان هذا البحث كما يقول الحازمي عطر كتابه: نبذة تأريخية عن التعليم في تهامة المخلاف السليماني وتهامة عسير من 930- 1350ه. أما مشاوير الأديب الحازمي الثقافية والأدبية فقد كانت حافلة بالعديد من الإنجازات، كإنشائه لإثنينية نادي جازان الأدبي إبّان رئاسته للنادي، وإصدار دورية مرافئ، وانطلاق النشرة الأدبية الخاصة بالأدباء الشباب والمثقفين في منطقة جازان بعنوان أصوات، وسلسلة الرسائل الجامعية التي نشرها النادي وكان جلها من إنتاج بعض أكاديميي منطقة جازان، وتشكيل اللجان الثقافية في محافظات منطقة جازان، ومع هذه المباهج الأدبية والثقافية إلاّ أنّ الأديب حجاب الحازمي لم يخف في سيرته الثقافية والأدبية بعض المنغّصات، التي كان من أبرزها ما وصفه بفرض الرقابة عليه وعلى مشاركاته على الفترة التي كان يقضيها في اجتماعاته الرسمية الثقافية والدعوات الأدبية التي توجه له من قبل إدارة الموظفين في إدارة تعليم صبيا.