الإنسان بطبعه يحب الإطراء والثناء، ويطمح أن يُشار إليه بالبنان، وأن يكون أشهر مِن نار على عَلَم.. ومن الطبيعة البشرية حب التمييز، لكن أن تُصبح الشهرة فارغة المحتوى بلا هدف ولا فائدة ولا علم ولا خلق ولا ثقافة فتلك هي المشكلة. هؤلاء فقط بريق يخطف قلوب المشاهد نتيجة جوع اجتماعي وإحباط ومشاكل نفسية يعانون منها، فأصبح هاجس أولئك الظهور وتلميع أنفسهم، وظهور نرجسيتهم بسلوكيات غريبة وفكاهات سخيفة، غير أساليبهم الجمة في التباهي بيوميات عجيبة يتنافسون عليها، حتى جعلوا من أنفسهم وسيلة أضحوكة للوصول لغايتهم، وبرغم سطحية ما اشتهروا به يعتبرونها غاية الكمال المُطْلق، وبها يصبح لوجودهم معنى، وللأسف يزداد كثرة المتابعين لهم لا بمحتوى هادف، بل إن سخافة ما ينشرونه أصبح ظاهرة مرضية، وخللاً فكرياً، ووباءً اجتماعياً سريع الانتشار، له مخاطر حقيقية على المجتمع، خصوصاً أن هؤلاء لا يملكون مقومات الشهرة، والذين صنعوا منها بلاء يحتاج للدواء، وخطرهم أنهم مؤثرون ولهم شعبية والكثير يتابعونهم ويجعلون منهم قدوة لهم. ومع ذلك فالشهرة ليست عيباً، ومن حق أي إنسان أن يحاول أن يجد لنفسه مكانة ويرسم لنفسه طريقاً ناجحاً باحترامه لنفسه أولاً، وأن يكون محتواه ذا قيمة ومتنوعة، وأن لا يقلل من قيمته ويتحول لمهرج وإمعة ويقدم ما لا قيمة له. نريد جيلاً نفخر بأعماله وإنجازاته تكون شهرته محمودة بفكر راقٍ وثقافي واجتماعي، ويقدم محتوى مفيد ولو بشيء بسيط، ويكون وسيلة لنشر الفضيلة التي تدل على نضج وتكامل الشخصية النافعة ذات «الكاريزما» العالية.. فما أجمل الشهرة عندما تكون رداء الناجحين والمؤثرين والمثقفين، وما أقبحها عندما تكون رداء الجاهلين والغوغائيين.