توقفت عقارب تشكيل الحكومة اللبنانية عند اللقاء رقم 14 في الشهر الأخير من عام 2020 على خصام بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري تسبب به «وطاويط الليل» كما أطلق عليهم «بيت الوسط»، في إشارة إلى وزير الخارجية السابق وصهر عون جبران باسيل. في المنطق، فإن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، ولكن في لبنان كل الأعاجيب ممكنة، وقد تعود عقارب الساعة عقوداً من الزمن، أي إلى مرحلة الحكم الذاتي والمناطقي والطائفي التي شاعت خلال الحرب الأهلية، وهذه العودة ليست تحليلاً لمراقبين، بل هي معلومات يتداولها أمراء الطوائف والأحزاب في مجالسهم الخاصة ويتعمدون تسريبها تحت غطاء المصادر الخاصة التي يستخدمونها كصندوق بريد. العام الجديد انطلق، ولكنه ينطلق مثقلاً بأزمات العام الماضي السياسية والكيدية والاقتصادية والمعيشية والصحية، وعلى الرغم من ذلك، أفادت المعلومات بأن البطريرك الماروني بشارة الراعي مصمم على تفعيل مبادرته الرامية إلى تسهيل تشكيل الحكومة، متسلحاً بزيارة بابا الفاتيكان فرنسيس، الذي أعلنت مصادر صحفية أنه سيزور لبنان في منتصف شهر مارس القادم. وفي المعلومات أيضاً أن الرئيس الحريري سوف يستأنف دوره في تشكيل الحكومة كما سوف يستأنف إصراره على صيغته الحكومية أي تسمية وزراء اختصاصيين، وبعدم حصول أي فريق سياسي على الثلث المعطل. بالمقابل سوف يستأنف باسيل لعب دور وطواط الليل (وفقاً لتسمية بيت الوسط) الذي سيدخل بعد لقاء يجمع عون والحريري إلى قصر بعبدا ليخرب ما قد تصلحه المبادرات المطروحة سواء من بكركي أو من الإليزيه. وليس غافلاً على الجميع دور «حزب الله» في تعطيل لبنان وربما تدميره فوق رؤوس الجميع إذا سارت الأمور على غير السكة التي يرسمها. الحريري عائد من إجازته والراعي متحمس لتفعيل المبادرة وصامد بانتظار زيارة البابا الذي يأمل أن يبارك له مبادرته، ولكن لبنان قد لا يصمد أكثر من شهر أمام كل الاستحقاقات التي تنتظره، والتي يتخوف منها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعبر عنها مسؤولون فرنسيون بدون قيود، وهي مخاوف من انهيار جماعي اقتصادي ومالي واجتماعي وسياسي وأمني إن لم يستدرك ساسته خطورة مواقفهم الكيدية التي قد تكون نتائجها الإطاحة بلبنان، الدولة والكيان.