فجأة وخلافاً للسيناريو الذي كان يحضر له رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بالتوجه إلى قصر بعبدا في الساعات الماضية لتقديم تشكيلته الحكومية التي يدعي أنها ستكون إنقاذية تماشياً مع روح المبادرة الفرنسية، وفي حال رفض الرئيس ميشال عون هذه التشكيلة كما يتوقع الجميع، فإنه سيتجه إلى مصارحة الرأي العام عما يحول دون تشكيل الحكومة، قرر الحريري عدم تقديم هذه التشكيلة، وأكثر من ذلك فإن القرار مصحوب بالصمت المطبق، ما دفع مقربين من قصر بعبدا إلى القول: إن الحريري يعمد إلى المراوغة وتقطيع الوقت لتحسين شروطه التفاوضية بعدما بات جزءاً من أوراق الضغط لإضعاف العهد خصوصاً بعد العقوبات الأمريكية التي فرضت على الوزير السابق جبران باسيل، التي من شأنها إضعافه أكثر، وبالتالي قطع يده عن التشكيلة التي يطبخها الحريري. وأكثر من ذلك، رد عون بشكل مباشر على الحريري خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع (الخميس) بطلب التوسع في تصريف الأعمال (أي تعويم حسان دياب مجدداً) بحجة تلبية حاجات البلاد التي تفرضها الظروف الراهنة، ما يدل على أن لا حكومة في المدى القريب وإقرار صريح بوجود عقد وحسابات دفينة بين أقطاب السلطة الذين يصفون حساباتهم على حساب بلد منهار وشعب صنفته منظمات دولية بأنه بات تحت خط الفقر. الحريري صامت حتى الساعة، وبحسب عون فإن الحريري يسعى إلى تعويم نفسه إقليمياً ودولياً؛ لهذا فهو يواكب الإدارة الأمريكية الحالية في ضغوطها ويحاول الاستفادة الشخصية والسياسية إلى أقصى حد. وبحسب عون أيضاً، فإنه لن يرضخ أو يتنازل عما يسميه المعايير الوطنية التي حددها لتشكيل الحكومة، وأن المسيحييين لن يعودوا في عهد عون إلى زمن التهميش، ولن يسمي الآخرون وزراءهم، وأنه لن يوقع على مراسيم حكومة لا تحفظ التوازنات. التعقيدات السياسية ليست وحدها نجمة المشهد في لبنان، فقد تصدر الهاجس الأمني في الساعات القليلة الماضية جزءاً لا بأس به من الواقع المأزوم، بعدما طلب المجلس الأعلى للدفاع من الأجهزة العسكرية والأمنية أن تكون على أتم الاستعداد لمواكبة الفترة الراهنة حتى نهاية العام، واتخاذ الإجراءات اللازمة والاستباقية للمحافظة على الاستقرار الأمني بعد ورود معلومات سربتها وسائل إعلامية عن فوضى أمنية مرتقبة قد تكون مصحوبة بعمليات اغتيال.