سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اللقاءات بين الرئيسين لم تنتج تفاهماً فتدخل بري لتسهيل الاستقالة ... والاستشارات تبدأ اليوم وعمر كرامي المرشح الأوفر حظاً . الحريري يستقيل ويعتذر عن عدم الترشح للحكومة الجديدة
حسم رئيس الحكومة رفيق الحريري امره امس وقدم استقالته الى رئيس الجمهورية اميل لحود معتذراً عن عدم ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة الجديدة، وبذلك يكون البحث في تأليف الحكومة اتجه نحو الرئيس عمر كرامي إذا لم تحصل مفاجأة لتشكيل الحكومة العتيدة فور انتهاء رئيس الجمهورية من استشاراته النيابية ليبدأ الرئيس المكلف مشاوراته مع الكتل النيابية والنواب المستقلين تمهيداً لإعلان التشكيلة الحكومية من 30 وزيراً قبل نهاية الأسبوع الحالي. وكان الاجتماع الخامس الأخير بين لحود والحريري افضى الى استقالة الحريري واعتذاره على رغم ان الاجتماعات السابقة بينهما كانت خصصت للبحث في تأليف الحكومة الجديدة. ولم يفاجأ وزراء ونواب باستقالة الحريري، وكانوا يتوقعونها في اي لحظة خصوصاً منذ ليل الاثنين الماضي عندما اشيع من جانب مصادر مقربة من لحود وأخرى من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ان الاستقالة ستتم صباح اول من امس بعد انتهاء الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان. وأن هناك صعوبة في تفاهمه مع لحود وأن الترجيحات الأولية تميل لمصلحة الرئيس كرامي. وحاولت مصادر رسمية دحض هذه الإشاعة واعتبارها محاولة للضغط والتهويل وأن لا اساس لها من الصحة، في مقابل إصرار جهات رسمية نافذة على تأكيد صحتها والذهاب الى تحديد موعد آخر للاستقالة كان مساء اول من امس وعينت الساعة السابعة والنصف ليلاً موعداً للقاء بين لحود والحريري. وسارع عدد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الى التفرد بإذاعة الخبر المتعلق بالاستقالة، على رغم ان لا علم للحريري به. لكن حرب الإشاعات استمرت مع ان اوساطاً مقربة من دمشق فوجئت بإذاعة الخبر ورأت فيه وسيلة للضغط على رئيس الحكومة للتسليم بشروط لحود لتأليف الوزارة الجديدة. إلا ان الإشاعة اصبحت واقعاً امس مع عقد بري اجتماعه الأسبوعي مع لحود، ثم اجتماعه مع الحريري في ساحة النجمة فور عودته من القصر الجمهوري في بعبدا. ففي اللقاء بين بري والحريري الذي تناقل النواب بعضاً مما دار فيه عن لسان رئيس المجلس، ان الأول نصح الثاني بتقديم استقالته اليوم امس وقبل الغد بحجة ان رئيسي الجمهورية والحكومة وصلا في اجتماعاتهما الى طريق مسدود وأنهما مختلفان على كل شيء وأن لا إمكان للتفاؤل "وهذا ما استنتجته من خلال محادثاتي معهما". وإذ ابلغ الحريري بري انه سيتخذ قراره بعد التشاور، أكد رئيس المجلس امام النواب في لقاء الأربعاء ان الوضع لا يمكن ان يستمر على هذه الحال وأن كل شيء في البلد جامد ومعطل وأن الإرباك يسيطر على إدارات الدولة والمجلس النيابي لا يستطيع أن يتفرج وبات عليه بعد مضي نحو شهر على تعليق اجتماعات مجلس الوزراء ان يتحرك انسجاماً مع دوره في مراقبة السلطة الإجرائية ومحاسبتها. وأضاف بري - بحسب النواب - انه صارح الحريري بضرورة الاستقالة من اجل تحريك الوضع، ولنر بعدها ماذا سيحصل في إطار الأصول الدستورية، مؤكداً انه لم يكن من الذين طالبوا باستقالة الحكومة او بتعويمها كخيار بديل، لكن لحود والحريري رفضا مبدأ التعويم. وتابع: "لو كنت من الذين طالبوا باستقالة الحكومة او بتعويمها لقيل ان لدى بري مصالح شخصية لكن غيري طالب، وأنا من جهتي اتحمل مسؤولية حيال الوضع المرتبك في البلد والأزمات الكثيرة التي يتخبط فيها". واعتبر بري ان الاستقالة ربما "تخرجنا من المراوحة لا سيما ان البلد لا يستطيع ان يستمر من دون مرجعية". وقال انه صارح لحود والحريري بموقفه هذا داعياً الى حسم سريع لهذا التسيب الناتج من المأزق الحكومي. وأضاف ان "الجميع تنكر لهذه الحكومة التي شكلت بمؤازرة سورية بينما اليوم ايضاً وبدعم سوري طلب ان يكون الحريري رئيس حكومة العهد الجديد وهذا الأمر تم بناء على رغبة سورية منذ نحو الشهر، لكن للأسف حتى الآن وعلى رغم تردي الأوضاع لم تقدم الاستقالة لتأليف حكومة جديدة، ويحاول كثيرون الآن وبينهم الحريري الطلب من سورية ان تتدخل لحلحلة العقد التي تعترض التفاهم على الشأن الحكومي غير ان سورية اكدت لي ولغيري انها لن تتدخل على الإطلاق". وبعد سماعهم كلام بري حاول النواب تفسير ما يقصده بدعوته الحريري الى الاستقالة، فرأى بعضهم ان لحود يتصرف مع الحريري على انه يريد العودة الى رئاسة الحكومة بأي ثمن ومن دون شروط، متجاهلاً الرغبة السورية في تعاونهما بعدما ابلغت دمشق تمسكها ببقائه في الرئاسة الثالثة، وهو يحاول العودة في كل لقاء يعقد بينهما الى نقطة الصفر وكأنه على قراره بعدم التعاون معه على رغم الرغبة التي يبديها امامه بفتح صفحة جديدة وبوجود قرار بالبقاء معاً انتهاء التمديد. واعتبر عدد من النواب أن شيئاً تغير دفع ببري الى الطلب من الحريري الاستقالة من دون ان تكون مقرونة بالاعتذار عن عدم الترشح لرئاسة الحكومة باعتبار ان هذه الاستقالة يجب ان تكون مقرونة بالتفاهم على الحكومة الجديدة. وقالوا ان الصورة غامضة لديهم وهذا ما دعاهم الى التحليل لتفسير ما حصل في الساعات الأخيرة. اما الحريري الذي بادر فور عودته من ساحة النجمة الى التشاور مع عدد من اعضاء كتلته، فقد اتصل بمسؤولين سوريين لوضعهم في صورة التطورات في ضوء الرغبة التي ابداها بري، وقيل له - بحسب تأكيد نواب من كتلته - أن دمشق على موقفها برفض التدخل، وكانت نصحت الرؤساء بالاجتماع للتفاهم على الحكومة الجديدة. وعليه توجه الحريري الى بعبدا وقدم للحود استقالته شعوراً منه بأن لا مجال للتعاون طالما ان المشاورات التي حصلت بينهما لم تحقق اي تقدم. بيان الاستقالة والاعتذار وصدر عن الرئيس الحريري بيان الاستقالة والاعتذار الآتي نصه: لا يختلف اثنان على حجم التحديات الداخلية والخارجية التي تحيق بلبنان وبأمتنا العربية، غير ان التحدي الرئيسي الماثل امامنا جميعاً، يتعلق بكيفية مواجهة تلك التحديات، وبالمقومات الوطنية والقومية المطلوبة، لدفع المخاطر الماثلة عن لبنان والأمة العربية. ان مواجهة التحديات، اي تحديات، لا يمكن ان تستقيم إلا من خلال جبهة داخلية متراصة، تحاكي طموحات اللبنانيين وإرادتهم وثقتهم بدولتهم وحكومتهم، وهي الأهداف التي ما زلت ارى، انها تشكل المنطلق السليم لحكومة تتولى مسؤولية الشأن العام، وتؤكد التزام الثوابت الوطنية والقومية للبنان، ولا تخل بعوامل الثقة مع المواطنين. ولما كانت هذه الأهداف قد اصطدمت بوقائع سياسية معروفة، وبعد المناقشات التي اجريتها مع فخامة رئيس الجمهورية ومع دولة رئيس مجلس النواب، وجدت من المناسب ان اتقدم باستقالة الحكومة، مقرونة بإعلان الاعتذار عن عدم ترشيح نفسي لرئاسة الحكومة، متمنياً ان تسفر الاستشارات النيابية الملزمة لفخامة الرئيس مع السادة النواب، عن تكليف رئيس جديد لتشكيل حكومة تعمل لمصلحة لبنان وتعبر عن طموحات شعبه. انني استودع الله سبحانه وتعالى، هذا البلد الحبيب لبنان، وشعبه الطيب، وأعبر من كل جوارحي، عن شكري وامتناني لكل الذين تعاونوا معي خلال الفترة الماضية. وسيجري الرئيس لحود الذي قبل استقالة الحريري وطلب الى حكومته الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة، الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة غداً الخميس وفق جدول يبدأ العاشرة صباحاً وينتهي السادسة مساء. وسيلتقي لحود تباعاً الرئيس بري ثم الرئيس الحريري فالرئيس حسين الحسيني ثم الرئيس كرامي ونائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي فنائب رئيس الحكومة عصام فارس. وخصص مدة 10 دقائق لكل من الرؤساء والكتل النيابية على حد سواء و5 دقائق لكل نائب منفرد. حيث سيلتقي كتلة التنمية والتحرير وينهي الاستشارات بلقاء النائب فارس سعيد السادسة مساء.