الكل متمسك بالمبادرة الفرنسية، والكل يوجه إليها الضربات، هذا هو حال المشهد على الساحة السياسية اللبنانية حتى يوم أمس (السبت)، وكان عليه قبل انتهاء مهلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الممنوحة لتشكيل الحكومة، وبعد انتهائها مع الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب إلى قصر بعبدا (الخميس) الماضي التي خرج منها دون اعتذار أو تأليف. باريس التي مددت المهلة دون زمان محدد، لم تنفك تطلق بيانات الأسف والندم على ما تعرضت له مبادرتها من طعنات اللبنانيبن، وآخر بياناتها ما أعلنته المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مولفي أمس، عندما قالت إنه «في الوقت الذي يواجه فيه لبنان أزمة غير مسبوقة، فإن فرنسا تأسف لعدم التزام الساسة اللبنانيين بتعهداتهم التي أعلنوها في الأول من سبتمبر الماضي، وفقاً للإطار الزمني المعلن». وأضافت: نحض كل القوى اللبنانية على الاضطلاع بمسؤولياتها والموافقة من دون تأخير على التشكيلة التي رشحها أديب لحكومة مهام تقدر على تنفيذ الإصلاحات اللازمة للوفاء بتطلعات الشعب اللبناني. من جهتهم، اجتمع رؤساء الحكومة السابقون مساء الجمعة في بيت الوسط، معلنين أن «مبادرة الرئيس الفرنسي تشكل فرصة مهمة يجب تثميرها بالإسراع في تشكيل الحكومة، لإبعاد لبنان عن الانهيار والفتن والشرور المحدقة به». وأسمعوا الممتعضين أنهم يعملون وفق المطلب الفرنسي، وقالوا إن فرنسا، التي استشعر رئيسها حجم الأخطار المحدقة بلبنان، بادر مشكوراً إلى تقديم الدعم والمساعدة وإطلاق مبادرة سياسية متكاملة للحل ترجمت بتكليف مصطفى أديب تأليف حكومة وفق تفويض محدد بالشكل والمضمون وينبغي العمل على إنجاحها. من جهته، أطفأ الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) الممتعض من فرنسا محركات التشاور والاتصالات بانتظار رضوخ الجميع بمن فيهم الرئيس ماكرون لمطلبه بأحقيته بوزارة المالية. المشهد تحول من شد الحبال إلى كسر العظم، ولبنان وحده سيدفع كل هذه الأثمان المترتبة عن «معركة البقاء» التي تخاض تحت عنوان «إنقاذ لبنان».