دعم المملكة للقضية الفلسطينية ليس صيفا عابرا أو شتاء باردا، بل هو موقف متجذر في أعماقها السياسية والمجتمعية، وبأقوالها وأفعالها، طوال العقود الماضية، وألجمت أفواه المتاجرين والمزايدين على موقف المملكة من قضيتها الأولى والجوهرية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من سياستها الخارجية، وهو دعم يندرج في إطار سياسة ثابتة تتبناها السعودية قيادة وشعبا، في مسار طويل ومتواصل، مقرونا بالمبادرات الشجاعة والمساعدات من غير مِنة ولا رياء وجميع أشكال التضامن عربيا وإسلاميا، وهو الأمر الذي يفرضه الانتماء الواحد والتاريخ المشترك والواجب والمسؤولية الإسلامية. ولقد جدد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان موقف المملكة في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية أخيرا تجاه دعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني، والتأكيد أن المملكة تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم جميع الجهود الرامية إلى الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدسالشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. هذا الموقف السعودي ليس جديدا، بل هو تجديد وتأكيد؛ كون المملكة لم تفكر يوما ما في المتاجرة بالقضية، كما تفعله تركيا دولة الإخوان وإيران دولة الطائفية، اللتان لم تزايدا فقط على القضية، بل تاجرتا بها لتحقيق أهداف سياسية داخلية بحتة، وتدخلتا في الشؤون العربية الداخلية لتحويل المنطقة العربية لساحات صراع وبؤر إرهابية وبسط الهيمنة والتوسع والنفوذ على حساب أمن واستقرار ووحدة دول المنطقة والتجاوز المستمر للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، ودعم المليشيات المسلحة التي تبث الفوضى والفرقة والخراب في كثير من الدول العربية. لقد باعت تركيا وإيران وبعض الفصائل الفلسطينية ضميرها بثمن بخس وأصبحت تشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي. والمملكة تؤمن بأن الدفاع عن قضية الأمة لا يتطلب بروباغندا إعلامية ومزايدة بأهداف مريبة وبعيدة كل البعد عن التضامن الفعلي والبحث الجدي عن حلول جذرية ترفع عن الشعب الفلسطيني معاناة عقود من الاحتلال الإسرائيلي كما تتبعه بعض الفصائل الفلسطينية المدعومة إيرانيا وتركيا. لقد تبنت المملكة مبدأ لا يتجزأ وثابتا، تهب في كل مرة نصرة لفلسطين والقدس، دون جلبة مفتعلة أو زوبعة مصطنعة، وهذا ما يصنع الفرق، ويجعل للموقف السعودي ثقلا يدرك جميع الفاعلين بالمنطقة وزنه وتأثيره على القضية. لقد نأت المملكة بالقضية عن المزايدات السياسية والاستعراضات المجانية، وركزت على التمحيص والبحث عن السبل الكفيلة باتخاذ خطوات سياسية ودبلوماسية ملموسة لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة. فقط لتذكير السلطة والفصائل الفلسطينية أن مبادرة السلام العربية، التي أعلنها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت عام 2002، وقد نالت تأييدا عربيا، وشكلت مشروعا موحدا لحل النزاع العربي الفلسطيني، وجاءت على قدر الأمل المنوط بها، فحملت في طياتها كل ما يمكن أن يحقق السلام. لا للمزايدات.. لا للمتاجرة.. لا للبروباغندا، إنه مسار سعودي تضامني سياسي ومادي منذ عقود بلا رياء ولامِنة.