أضحت منصات التواصل الاجتماعي سوقاً رائجة لمشاهير «السوشيال ميديا» للتربح بالإعلانات وترويج السلع وتسويقها، ويستغل هؤلاء كثافة المتابعين في نشاطهم الترويجي. وينظر المراقبون إلى ذلك من جوانبه الإيجابية والسلبية، خصوصا أن بعض المشاهير لا يضعون معايير ذات قيمة لاختيار المنتج المعلن عنه وقد يتضرر الكثيرون بسبب المنتج فبعضها مغشوشة أو مقلدة أو ذو أضرار، إذ يعمد المعلن على إخفاء العيوب والسلبيات عن المنتج وتحسين صورته فيظن المتابع بأن المنتج هو الأفضل، فضلاً عن أن مشاهير آخرين هدفهم الربح المادي ويسوقون لسلع وبضائع مضروبة ما يضعهم تحت طائلة التحقيق والمساءلة. في المقابل، يعمل بعض المشاهير على تسويق وترويج منتجات لا تشوبها شائبة الغش والتقليد، ويعلن عنه بلا تردد أو وجل. هؤلاء.. قدوات أم فقاعات ؟ تشير الأخصائية النفسية دعاء زهران إلى أنه في ظل الانفتاح والإقبال الشديد على منصات السوشل ميديا أصبح من الضروري التوعية المستمرة عن إيجابياتة وسلبياته ومعرفة من يستحق المتابعة ومن هم فقاعات ضارة في المجتمع. وكانت الفترة الماضية خلال أزمة كورونا أكبر برهان على من يستحق أن تسلط عليهم الأضواء ومن هم الأبطال والقدوات الذين نقتدي بهم، «رأينا كثيراً من مشاهير السوشل ميديا الذين اختفوا. ولم يكن لهم أي أدوار فعالة وظاهرة في الأزمة القاسية التي عانى منها العالم أجمع.. فليكن ذلك درساً لنا كي لا نسلم عقولنا وقلوبنا لمن هم ليسوا أهلاً للثقة». وتضيف ديمة أن الكثيرين تضرروا من أدوية أو مستحضرات غير مُرخصة فالهدف عند بعض المعلنين ليس جودة المنتج أو فعاليتة بل هو مادي بحت. متى يصبح المعلن شريكاً في التضليل والخداع ؟ سحب الإعلان خلال يوم.. وإلا يعرّف المحامي فيصل فاروق الزهراني، الإعلان الإلكتروني، بأنه كل دعاية بوسيلة إلكترونية يقوم بها موفر الخدمة، تهدف إلى تشجيع بيع منتج أو تقديم خدمة بأسلوب مباشر أو غير مباشر، فالإعلان الإلكتروني إن كان متعلقاً بمنتج وتم عن طريق منصات التواصل؛ لابد أن يتضمن اسم المنتج، واسم التاجر وأي بيان مميز له، ووسائل الاتصال بالتاجر، وبياناً واضحاً بأنه مادة إعلانية والمعلومات ذات الصلة بالمنتج التي تتيح الوعي للمستهلك باتخاذ قراره. ويضيف الزهراني أنه يحظر تضمين الإعلان الإلكتروني عرضاً أو بياناً أو ادعاء كاذباً أو عبارات من شأنها أن تؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى خداع المستهلك وتضليله. وفي ما يتعلق باعتبار المعلن شريكاً بالفعل؛ إن أعلن عن منتج غير مرخص وسبب ضرراً للغير؛ فلا يمكن الجزم باعتباره شريكاً؛ وتختلف كل حالة عن أخرى. وفي حالة كان المنتج مرخصاً وتسبب بالضرر للغير؛ فلا نرى أنه يستوجب العقوبة عند التزامه بشروط الإعلان الإلكتروني. وإن كان الإعلان الإلكتروني مخالفاً لنظام التجارة الإلكترونية؛ فتكون العقوبة واحدة أو أكثر من عقوبات الإنذار، غرامة لا تزيد على مليون ريال، إيقاف مزاولة التجارة الإلكترونية، حجب المحل الإلكتروني. وينبغي على المستهلك أن يتحقق من المنتج قبل الشراء والاستخدام، فإنه وإن كان مرخصاً فقد لا يكون مناسباً له شخصياً. يرى المحامي محمد علي الغامدي أن الإعلان الإلكتروني بات جزءاً أساسياً في إستراتيجيات الشركات، لتنتج عنه ظاهرة إعلانات مشاهير الشوشيال ميديا وتزامناً مع ذلك صدر قرار الموافقة على نظام التجارة الإلكترونية والذي وضع ضوابط الإعلانات، ومن أهمها أن يتضمن الإعلان اسم المنتج، واسم التاجر، ووسائل التواصل مع التاجر، وكذلك لا بد من وجود بيان واضح بأن الإعلان مادة إعلانية، وتضمين الإعلان بالمعلومات ذات الصلة بالمنتج التي من شأنها إتاحة الوعي اللازم للمستهلك باتخاذ قراره، وهذا الأمر من شأنه عدم تضليل المستهلك بإيهامه بما ليس صحيحاً، إذ لا بد على المستهلك التحقق من المنتج. وعُزز ذلك بأن حظر نظام التجارة الإلكترونية تضمين الإعلان الإلكتروني أي عرض أو بيان كاذب من شأنها خداع المستهلك أو تضليله، وشدد النظام على المعلن التأكد من أن العلامة التجارية محل الإعلان ملك للتاجر، وعدم الإعلان لعلامة مقلدة، إذ يلزم المعلن تحري الدقة بإعلاناته، فإن ثبت تواطؤ المعلن الإلكتروني مع التاجر؛ بالتضليل على المستهلك وإيهامه بمعلومات غير صحيحة أو إخفاء بعض المعلومات المهمة عمداً؛ ففي هذه الحالة يمكن للمستهلك -إن ثبت تضرره من المنتج مطالبة المعلن والتاجر متضامنين بالتعويض عن الضرر. ولوزارة التجارة طبقاً للغامدي إلزام المعلن بسحب الإعلان خلال يوم واحد من تاريخ إبلاغه. مشاهير فقدوا ثقة الناس لهذه الأسباب المخدوعات يروين تجاربهن ل عكاظ يقول الأخصائي الاجتماعي محمد الحمزة، إن فوضى الإعلانات لا تقتصر في حسابات المنصات بل على غياب الضوابط الأخلاقية في اختيار المعلن، ويتعدى ذلك في غياب الضوابط القانونية في طريقة الإعلان، على الرغم من سن وزارة التجارة قوانين لضبط التجارة الرقمية، تشمل عملية التسويق الرقمي، وفراغ الضوابط، انعكس على الدعايات الترويجية فصار من المعتاد مشاهدة مخالفات لقوانين الإعلان والتسويق، سواءً من ناحية التضليل وفي ارتكاب مخالفات جسيمة في إطلاق أوصاف صحية تسويقية على منتجات غذائية أو طبيعية دون موافقة الجهات المختصة، فالحديث عن فوضى الإعلان في مواقع التواصل الاجتماعي لا يتوقف عند التضليل بل يتعداه في كثير من الأحيان باقتحام رواده عالم الدعاية للمنتجات الصحية، أحد «التابوهات» الأخلاقية التي لا يتورع كثير منهم التربح من ورائها دون أي مسؤولية. ومن مظاهر الدعاية المضللة، كما يرى الحمزة، الترويج لبضائع بشكل مبالغ فيه، وإخفاء العيوب والسلبيات، وتحسين صورة منتجات وخدمات رديئة، ليفاجأ المستهلك بعد تجربتها بأنها ليست كذلك على الإطلاق، وكذلك خلط بعض المشاهير بين آرائهم الشخصية والإعلانات المدفوعة لهم، فقد يقوم بعض المشاهير بالترويج لمنتجات هم أنفسهم غير مقتنعين بها. وقد وقع كثيرون في شراك هذه الدعايات المضللة في مواقع التواصل الاجتماعي، فانساقوا وراء ذلك، وخسروا أموالهم وصحتهم، ولم يجنوا إلا المرارة والحسرة، وأصبحت تجاربهم صيحات تحذير تجاه هذه الظاهرة السلبية، وأكبر خاسر من وراء الإعلانات المضللة هم مشاهير السوشيال ميديا أنفسهم ممن لا يلتزمون بالأخلاقيات والقوانين، فيفقدون ثقة الناس بهم، ويخسرون متابعيهم. من واجب مشاهير السوشيال ميديا أن يتحلوا بروح المسؤولية، ويكونوا قدوة للآخرين صدقاً وأمانةً ورقياً في الأخلاق والسلوك، وأن يكونوا عند حسن ظن متابعيهم بهم، ملتزمين تجاههم بالقيم الإيجابية، وأن تكون معاييرهم راقية ودقيقة في مجال الدعاية والتسويق. روت متعاملات مع إعلانات مشاهير السوشيال ميديا جزءاً من تجاربهن ل«عكاظ»، وقالت نورا محمد إنها ظلت متابعة لإحدى شهيرات الميديا وإعلانها عن «تشيز كيك مجمد». ووقفت على مبالغتها في مدح المنتج وتبين بعد التجربة العملية اختلاف المنتج طعماً وشكلاً عن الإعلان. وذات الموقف لأميرة التي وقعت ضحية مشاهير السوشيال أعلن عن متجر للملابس يبيع بأسعار مغرية ورخيصة، وفوجئت بأن المعروض شبيه بما تروجه الأسواق الشعبية وأقل منها جودة وأكثر سعراً. وتقول أمل محمد إن بعض مشاهير السوشال ميديا لا يراعون ضمائرهم في الترويج ولا يهمهم الإضرار بالناس بقدر اهتمامهم بالتكسب والتربح وجني الأموال. «التجارة»: حجبنا 6 مواقع مروجة لسلع مغشوشة الغذاء والدواء: نستدعيهم ونسمع أقوالهم أكدت وزارة التجارة ل«عكاظ» أهمية التعامل مع المتاجر والمواقع المعروفة والموثوقة، أو التي لديها سجل تجاري، أو المسجلة في منصة «معروف» لضمان عدم تعرض المتعاملين لأي غش أو تضليل. وأكدت متابعتها لما يتم تداوله عبر المنصات من تسويق منتجات مغشوشة أو مقلدة مخالفة للأنظمة وتعمل على ضبط التجاوزات واتخاذ الإجراءات النظامية ضد المخالفين وإيقاف أي إعلانات أو عروض ترويجية مضللة واتخاذ الإجراءات النظامية بحق المخالفين. كما تشرف الوزارة على المنشآت التجارية والمتاجر الإلكترونية التي تمتلك سجلات تجارية بكافة أنشطة الأعمال للتأكد من التزامها بأنظمة حماية المستهلك وفي حال صدور مخالفات من تلك الفئة تقوم الوزارة برصدها ورفعها للجنة النظر في مخالفات نظام التجارة الإلكترونية لتطبيق العقوبات. وأكدت التجارة أنه تمنح الوزارة السجلات التجارية في نشاطي التجارة الإلكترونية والتسويق الإلكتروني للمنشآت الراغبة في بيع وتسويق المنتجات الإلكترونية كما يحصل أصحاب السجلات على شهادة معروف الإلكترونية، وبلغ عدد المتاجر المسجلة في «معروف» أكثر من 57 ألف متجر في أنشطة وخدمات متعددة من أهمها التسويق الإلكتروني، والمطابخ والمخبوزات، ومستلزمات المرأة. ونوهت الوزارة بأنها حجبت 6 مواقع أجنبية تسوق لمنتجات مقلدة لعلامات تجارية عالمية، وتقدم عروضاً وهمية، منها خمسة مواقع تم حجبها بعد تطبيق نظام التجارة الإلكترونية في أكتوبر 2019. أوضحت الهيئة العامة للغذاء والدواء ل«عكاظ» أنها ترصد وتستقبل البلاغات الخاصة بإعلانات المشاهير في منصات التواصل في مجالات الغذاء والدواء والأجهزة الطبية ومنتجات التجميل والأعلاف والمبيدات، كما تحقق من صحة الادعاءات الواردة في الإعلانات، والتأكد من تسجيل المنتجات في الهيئة وحصول الأشخاص المعلنين على ترخيص بالإعلان للمنتجات وفي حال ثبوت المخالفة يتم استدعاء المخالفين وسماع أقوالهم واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم وإحالتهم إلى هيئة الاعلام المرئي والمسموع وتطبيق النظام بحقهم. وأضافت الغذاء والدواء أنه من حق المستهلك التقدم ببلاغ عبر وسائل التواصل الخاصة بها، وتجري معالجة البلاغ واتخاذ ما يلزم وفق الأنظمة.