لم يتردد في طرح آرائه الصادمة، بل نبش في المسكوت عنه، ورسم لنا فضاءً نقدياً ثرياً وجديراً بالبناء والنقاش والتفاعل المعرفي المعمق. في أبرز كتبه، شكك في وأد البنات عند العرب، ليواجه هجوماً قوياً من عقول مغلقة تقدس التراث، وتحاول إقصاء كل فكر جديد ليبقى أسيراً في فخ المسلمات. «عكاظ» حاورت الباحث والأكاديمي الدكتور مرزوق بن تنباك، ليطرح كعادته، الكثير من الآراء التي تستحق التأمل والدرسة والبحث.. وإليكم نص الحوار: • عندما يُذكر اسمك، غالباً ما يلحقه كتاب «الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة» لماذا برأيك؟ وهل توقعت هذا الصدى قبل طرحك للكتاب؟•• الناس عندهم الحاسة السادسة التي تلامس فيهم الجديد المختلف أو الكشف عنه، ولا سيما في أمر الحقائق التي يحسون أن المؤلف أو المتكلم يبرزها ويكشف النقاب عن الغائب منها، ولا شك أن ما توصل إليه الكتاب وما كشف عنه من حقائق كان سبباً في قبول الناس أو أكثرهم لما جاء فيه، وسبب القبول لما ورد فيه من حجج دامغة لم يستطع أحد نفيها أو تكذيبها رغم موقف بعض الناس وهم القليل من قبولها وتصديقها، فكانت المفاجأة لهم أكبر من قبول الحقيقة والتسليم بها. أما سبب الاختلاف فهو نتيجة للعمق السحيق لقضية الوأد في التراث الإسلامي وامتزاجها في مجال الوعظ والتذكير، وترقيق العواطف حتى عدّوا الوأد مسلمة عندهم، لا يريدون سماع غيرها، وحتى الذين تصدوا للرد احتساباً لم يأتوا بدليل ولا بنص غير ما أتى به الكتاب وناقشه، فكانت ردودهم تكراراً لنصوص عرضها الكتاب وأثبت عدم صحتها وليست ابتكاراً. أما سؤالك عن توقعي للصدى الذي كان بعد نشر الكتاب فلم أتوقع ذلك، وتوقعت أن أتعرض لبعض المشكلات والشكاوى، وهذا ما حصل، ولكن خفف تلك المشكلات بيان الحقيقة ومنهج البحث الذي يحترم الثوابت، ولا يتجاوزها، ويعرف حدوده فيما يمكن بحثه وفيما لا يجوز البحث فيه. • «وأد البنات» هل يُعاد تدويره اليوم على شكل دفن أفكار وطموحات تحت مُسمى «العيب»؟•• نعم في كتاب الوأد فصل كامل عما تعانيه المرأة من وأد معنوي ومادي في الحاضر أيضاً، وقد أشرت إلى الأمم والمجتمعات التي تمارس الوأد المادي والمعنوي للمرأة في هذا الوقت، وتلك المجتمعات التي تخص المرأة بالعيب دون الرجل. يمكن ترجعين إلى ذلك الفصل في كتاب «الوأد» وما جاء فيه من تفصيل، فقد يكون مهماً الاطلاع عليه وفيه إجابة على سؤالك. • ما الطقوس التي تحرص على ممارستها أثناء الكتابة؟•• ليس لدي طقوس خاصة في الكتابة، لكن قبل الكتابة أقرأ عن الموضوع الذي أريد الكتابة عنه، ثم أختار وقتاً مناسباً يتيح لي الهدوء التام حيث لا يقاطعني فيه شاغل غير الكتابة والتركيز فيها، وغالباً أختار الوقت في الليل حيث الانشغال قليل بغير ما أريد الكتابة به، وكما يقال في الأمثال لكل شيخ طريقة وطريقتي هي هذه، ولا يعني أنها الأفضل في كل الحالات. • لو جُبرت على إحراق جميع كتبك مع أحقيتك في الاحتفاظ بكتابٍ واحدٍ، فما الكتاب الذي ستحتفظ به، ولماذا؟ •• الكتاب قطعة من العقل مثل الولد قطعة من الكبد، وقد لا يستطيع المرء التمييز بينهم، وكذلك الكتاب في مكانته مثلهم، لكن لا شك أن للكتب تفاوتاً من واحد إلى آخر، وأنا لدي مجموعة من المؤلفات فوق العشرة بقليل، وعندما يسألني أحد عنها كما سألتِ أذكر ثلاثة فقط: الأول: (الفصحى ونظرية الفكر العامي)، الثاني: (بدعة الأدب الإسلامي ومشكلاته). والثالث: (الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة). الأول ابتدأت به الطريق إلى معاناة الفكر وتجربة الجدل ورد لي مكافأة الجهد بثناء القراء وفيض عواطفهم، والثاني ألفته غيرة على الأدب، وفزعة لئلا يُستلب ويؤدلجه من ظن أنه يحتسب، ولقيت بسببه خصومة الأصدقاء، ورضا بعض من لا يرضى، ومضى الأمر كما شاء الله وقضى. أما الثالث الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة، وسبب تأليفه أن مفاجأة الاكتشاف كانت صدمة لم أكد أصدقها بل كذبتها أول مرة وكررت النظر، وخشيت عواقب التسرع، ولبثت زمناً أقرأ وأنظر فيما أقرأ وأعيد القراءة حتى تأكد لي أن لذة الاكتشاف تستحق المخاطرة والإعلان عن ما وصلت إليه، وقلت فيه ما أعلنته للناس، وهو الكتاب الذي لن أحرقه ولن تمسه النار، ومنكروه اليوم سيقرأونه غداً أو سيقرأه جيل قادم أزاح الزمن عن عقله حواجز المعاصرة وتنافس الأنداد وتقديس التراث: الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة هو الذي لن يحرقه الزمن؛ لأن الحقيقة ستدافع عنه وتقف بجانبه، سأتركه لحكم التاريخ الذي سينصفه بلا شك، ويحكم له أوعليه وقد نال حتى الآن الثناء من علماء منصفين واستعان به بعض الدارسين في الوطن العربي. • هل أنت مؤيد لمصطلح الشرف المتداول بشكل هستيري بين العقول العربية، وما حقيقة الشرف بالنسبة لك؟•• نصف السؤال أجبتِ عليه، فالعاقل لا يقبل أن يتعامل مع الشرف بعقل هستيري، والشطر الثاني من السؤال عن مفهوم الشرف، الشرف لا يحصر بالمرأة فقط، للرجل شرفه الذي يجب أن يحافظ عليه، وللمرأة شرفها مثل الرجل، وأظن ما تقصدينه هو الغيرة على المحارم بعمومها فيما فيها الغيرة على النساء، وهو خلق عربي أصيل، ولكن له حدوده وقوانينه التي تحمد فيها الغيرة أو تذم. وبالمناسبة لي كتاب موضوعه التسامح بالغيرة والشطط فيها، بين شخصين؛ الأول: أحد الشخصين يقول: لو رأى زوجته تخونه مع صديقه لما فعل أكثر من فراقها وتركها وشأنها مع من أحبت، والآخر يقول لو رآها تكلم رجلاً غيره لقتلها، وبين هذين الحالين المتطرفين درجات كثيرة تمارسها المجتمعات البشرية. • العنوسة مصطلح صحيح أم هو تعبير ركيك في لفظه ومعناه؟•• العنوسة مصطلح لغوي صحيح بغض النظر عن دلالته الاجتماعية، ويعني مرحلة عمرية للرجال وللنساء واللغة تحدد دلالتها المتفق عليها اجتماعياً وثقافياً، والنظر للعنوسة متغير بحسب الظروف والأحوال التي تشكل المرحلة العمرية المناسبة للاقتران بشريك الحياة للذكر وللأنثى، والعنوسة أصبحت خياراً عند الرجال واضطراراً عند أكثر النساء لا سيما في المجتمعات المغلقة والمحافظة. • تعدد الزوجات يهين النساء، أم هو حق مشروع للرجال وكرامة النساء محفوظة به؟•• من حيث المبدأ التعدد معروف بالتقاليد الاجتماعية في هذه البلاد، ومسموح به في التشريع والفقه، وهو موافقة بين الطرفين وليس هناك إلزام بالتعدد أو تركه، وإنما الظروف لكل طرف هي التي تحدد القبول أو الرفض لهذا النوع من الزواج، ولا شك أن الزوجة الأولى قد يقع عليها الضرر عند حدوث التعدد بعد زمن من الزواج والإنجاب ومضي الوقت، والعمر يستطيع التغيير وهي لا تستطيعه، وفي الفقه مجالات كثيرة للاحتراز عند الزواج كأن تشترط عدم التعدد عليها، أو تكون عصمتها بيدها، وفي النهاية الزواج علاقة تحددها الظروف لكلا الطرفين. • حقوق النساء اليوم.. هل تحققت بشكل كامل، أم هناك ما لم يتم تحقيقه؟•• حقوق المرأة وقضية المرأة ومصيرها وما إلى ذلك من الأحاديث والقصص التي تلوكها الألسن دائماً جدلية بدأت مع بدء خلقها الأول من ضلع الرجل في الديانات والثقافات القديمة، وفي المجتمعات والمنظمات الحديثة كل يتحدث عن حقوقها، وكل يعطي جزءاً ويمنع آخر، تنصف في زمان ومكان من العالم وتظلم وتهضم في مكان آخر. لكن ليكن في علمك أن الحقوق لا تتحقق بالطلب والعطف والعطاء والهبة، الحقوق يحصل عليها الإنسان ذاته ويحققها لنفسه امرأة أو رجلاً حين يثبت حاجة المجتمع إليه لا حاجته هو إلى الإنصاف من المجتمع وعطفه، متى استطاعت المرأة فرض وجودها بما تقدمه لمجتمعها، ومتى اعترف المجتمع للمرأة بهذه الجهود واحتاج إليها، هنا تكون الحقوق كاملة متحققة بالأخذ وليس في العطاء والتمني. • المجتمع السعودي اليوم، هل تخلص تماماً من إجحاف السيادة الذكورية على النساء؟•• العلاقة بين الجنسين الرجال والنساء يحددها بينهما مشترك الثقافة الاجتماعية العامة التي يتفق عليها المجتمع، ويحافظ عليها كجزء من موروثه الاجتماعي، ومع أن الثقافة في المجتمع السعودي متنوعة إلى حد معقول، ومختلفة بعض الاختلاف بين مناطق المملكة إلى حد ما إلا أن هذا التنوع حصل له ضغط وصهر منذ 30 سنة، وطبع بطابع ثقافة الوسط المتشددة تجاه المرأة مما أخفى تنوع الثقافات المحلية الأخرى، وقضى على نماذج التسامح التي كانت موجودة من قبل، وصبغ الثقافة العامة بصبغة التشدد وتغليب سطوة الولاية الذكورية والسيادة على العلاقة بين الجنسين، فنال المرأة إخفاء لذاتها ومكانها ووضعت في غير موضعها الطبيعي ومسخت شخصيتها، ولكنها بدأت اليوم تستعيد شيئاً مما حجب عنها من حقوقها كالعمل والمشاركة في النشاط الاجتماعي. • ما رأيك بفكرة الصداقة بين الجنسين، وهل تراها ناجحة، أم أنها مجرد تغليف لرغبات مُبطّنة؟•• ليس هناك شر محض أو خير محض، علاقات الناس فيها هذا وذاك، وهذا السؤال لا يستطيع الشيوخ مثلي الإجابة عليه، والأولى أن يوجه إلى الشباب، فهم أقدر بتصور العلاقات بينهم وتمييز الصداقات، ولا شك أن الشباب اليوم اختلفت علاقاتهم عما كان عند الشيوخ في الماضي القريب، وقد طرح هذا السؤال نفسه منذ فترة على بنين وبنات غربيين وكانت الإجابات متباينة لدى الجنسين باعتبار الثقافة الغربية، أما الثقافة الشرقية المحافظة فأظن طرح هذا الموضوع مبكراً إلى حدٍّ ما، وقبوله والإجابة عنه كذلك. • هل نجحت المرأة في تهذيب الخطاب المجتمعي الموجه لها، أم أنها تتشربه وتعيد إنتاجه في التربية القمعية؟•• هل تقصدين المرأة السعودية؟ لا تستعجلي كثيراً، دعي المرأة تلتقط أنفاسها وانظري إلى ما قدمت رغم قصر الوقت الذي أتيح لها، انظري إليها كاتبة وشاعرة وقاصة وروائية وعاملة مخلصة ناجحة في أكثر المواقع التي تصل إليها، نجد مشاركة جيدة قدمتها المرأة وستعطي أكثر في مستقبل الأيام، المرأة جزء مهم من المجتمع وليست منفصلة عنه، ولا يكون هناك خطاب مجتمعي لا تكون المرأة هي الصوت القوي فيه، وتشرب المعرفة والتراكم الثقافي مهم للمرأة والرجل. • كيف يرى ابن تنباك التحول من الهوية البدائية (الأولية) إلى الهوية العالمية، وأين المأزق الذي يمنع الإنسان السعودي من هذا العبور؟•• يجب تأكيد الهوية المحلية وتأصيلها وإبراز وجودها داخلياً حتى إذا قويت واشتدت واعتز بها أهلها عندئذ ستجد طريقها إلى العالمية، الانشغال بالعالمية لا يحقق الوصول إليها، التطلع للعالمية يبدأ من العناية الجيدة بالمحلية وإصلاح ما فيها مما يجب إصلاحه حتى تقوى بنفسها وتنافس على مكانها العالمي. • ماذا ينقص الإعلام السعودي اليوم؟•• كثير، ينقصه المهنية الفنية الراقية، الحرية المنضبطة، الاحتراف والإبداع وحسبك هذه باختصار. • مَن الشخصية التاريخية التي وددت لو أن الزمن أهداك لقاءها، ولماذا؟•• الشخصيات التاريخية التي مضت لا نعرفها على حقيقتها نعرف ما أضافه الزمن إليها وعظم فيها وزاد في بعض الأحيان وأسرف في الزيادة، ولو عرفناها كما هي لكانت مثل من نعرف ومن يعيش معنا في الحاضر، أناس يخطئون ويصيبون لهم حسناتهم ولهم ما غير ذلك، ولا أريد الزمن أن يهديني لقاء أحدٍ منهم رحمهم الله وعفا عنهم. ألا تعلمي أن في التاريخ أبطالاً لم يوجدوا إلا في خيال من وضعهم وأضاف لهم ما يتمناه ويود أن يراه، التاريخ هو الذي يصنع بعض الشخصيات ويحابيها بالكثير من الفضائل، وهو الذي يسلب أخرى فضائلها ويخزيها، التاريخ صناعة الناس، والناس لا يتحقق فيهم العدل الذي يرضيك ولا الصدق الذي يغنيك إلا القليل. • ما (الحقبة التاريخية) التي تمنيت لو عشت بها ولو لفترة وجيزة؟•• كل تاريخ البشر فيه ما تحب أن تعيشه وفيه ما لا تود أن يذكر لك، فضلاً أن تعيشه، ولعل المتنبي خير من فاضل بين القرون والحقب وتمنى الماضي الذي يرى أنه أفضل من حاضره فقال: أتى الزمان بنوه في شبيبته/ فسرهم وأتيناه على الهرم على المستوى الفردي لا أظن الحقب الخوالي جادت لأهلها بمثل ما جادت به هذه الحقبة التي نعيشها، الأمر الذي لم يحدث في أي حقبة مضت، فقد سخر للإنسان كل شيء، اختصر الزمن أمامه وأصبح في قبضة يده، حيث يستطيع أن يقطع المسافة بين قارات العالم في أيام، بينما كان ذلك مستحيلاً على من سبقه في الحقب الخوالي، في المعارف يستطيع أن يحمل في جيبه ملايين الكتب يطلع عليها وهو جالس بينما كان الأولون يقطعون المسافات في السنين للحصول على معلومة نادرة، وفي الصحة حقق الإنسان المعجزات في الطب والتداوي، وأما حقوق الناس وكرامتهم فنالت الكثير من الاحترام، كل ذلك لم يتحقق مثله للماضين، ما تحقق في هذا الزمن الجميل لم تجد به الحقب الخوالي، سئلت مرة كم عمرك فقلت ثلاثة آلاف سنة حيث نشأت أقدح النار بالحجر وأشعلها بالضرم، والآن أستعمل النت وأدير عدسة الهاتف لأرى أي بقعة أريدها في العالم، وأقضي شؤوني في الداخل والخارج وأنا جالس في بيتي، هذه القفزات الهائلة المسخرة لخدمة البشر لم يحصلوا عليها في ستة الآف سنة مضت من تاريخهم، وحصلنا عليها في مئة سنة، إذن لن أتمنى العيش في أي حقبة مضت، ويكفي ما عشته في الحقبة التي كتب الله لي أن أعيش فيها ومتطلع لمستقبل أفضل للبشرية. • هل سبق أن راجعت طبيباً نفسياً أو راقياً شرعياً، وما رأيك بالطقوس التي يُمارسها الرُقاة على المرضى؟•• بعض أطباء النفس، وكل الرقاة والمشعوذين يلعبون على مشاعر المرضى النفسية ويأكلون أموالهم بالباطل، ومن الواجب حماية الناس منهم، ووضع تشريع يضمن سلامة أموال الضعفاء وأعراضهم من هؤلاء المشعوذين، ويجرم أعمالهم ويحاسبهم على ما يقترفون من الأخطاء، وما يرتكبون من الآثام والموبقات بحق الناس. • هل الإلحاد من ضمن الموضات الفكرية التي يرتديها شباب اليوم، وكيف تُفسر ذلك؟•• هل هناك إلحاد؟ أتدرين من الذي بدأ يحذر من موجة الإلحاد القادمة؟ إنهم بعض إخواننا الطيبين الذين تسمونهم الملتزمين حين شعروا أن الناس ضاقوا ذرعاً بما يمارسون عليهم من التشدد والتضييق، فخشي هؤلاء الطيبون أن يفقدوا جمهورهم فأذاعوا موضة الإلحاد التي تسألين عنها، لإرهاب الناس وتخويفهم حتى يقبل العامة ما يفرضونه عليهم من ضروب التشدد والغلو هروباً من الإلحاد المزعوم. كم عدد الملحدين الذين يتحدثون عنهم؟ ومنهم؟ وأين أعلنوا إلحادهم؟ المشاهد في العالم هو التدين وليس الإلحاد، والإسلام ينتشر اليوم في مشارق الأرض ومغاربه، لكن كما قلت لك هي حيلة المؤدلجين للتخويف واستمرار الإرهاب الفكري الذي مارسوه زمناً على العامة ونجحوا فيه، ولا يريدون أن يخسروا مكاسبهم بجمع العامة حولهم خوفاً من الالحاد الذي يزعمون أنه موضة عند الشباب وهو غير موجود إلا في حيلهم الفارغة. • هل اعتذار بعض رموز الصحوة مقبول بنظرك، وكيف تقرأ تلك الاعتذارات، هل هي ندم حقيقي أم محاولة ترقيع لعباءة التشدد؟•• الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، والكريم يقبل الأعذار وقد يصح فيهم قول الشاعر: اقبل معاذير من يأتيك معتذرا / إن بَّر عندك فيما قال أو فجرا. لقد أطاعك من يرضيك ظاهره / وقد أجلك من يعصيك مستترا ولم نؤمر بتفتيش قلوب الناس بل أمرنا بالعفو والصفح وقبول الرجوع والإنابة ممن رجع وأناب، وتلك صفات الأكرمين، ولسنا على الناس وما في ضمائرهم مسيطرين ويجب أن تحسن النوايا ويبعد الناس عن سوء الظن وقد أمرنا بذلك. • المطالبة بالاستفادة من فترة الحجر المنزلي بالتطوير الشخصي هتافات مغموسة بالمثالية، أم حقيقة يجب إدراكها؟ •• فرصة يجب الاستفادة منها واستغلالها بما ينفع والتفرغ لإنجاز ما تراكم من العمل عند الذين تزدحم ساعات يومهم بالأعمال الكثيرة، الحجر فرصة لا تتكرر، ونرجو ألا تتكرر أيضاً، مع حسناتها وسيئاتها، ويخرج الله الناس منها على خير وإلى خير.• دائماً ما يكون هناك بيت شعري يردده الشخص بمثابة التنهيدة، ما تنهيدتك الشعرية؟ •• إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة / فإن فساد الرأي أن تترددا. • مؤمنة أن الموسيقى غذاء الروح، على صوتِ من تتغذى روحك في الغالب؟ •• زادك الله إيماناً، والموسيقى جزء مما في الحياة من اللذة وشيء مما يطرب له الناس وأنا منهم، وليس لي صوت معين كل جميل أسمعه وأطرب له. • ابن تنباك من أي أشكال الفوبيا يُعاني؟ •• من هذه الأسئلة التي ما أكاد أجيب عن أحدها وأنتهي من الإجابة عنه حتى تلقين عليّ آخر، أبحث عن إجابته في تلافيف عقلي.• الشيب وقار أم احتجاج على العمر؟ •• الشيب تغير في اللون وتقدم في العمر ومرحلة، إن منكم إلا واردها، شاء من شاء واحتال في السواد من احتال، ولكن هيئات تبقى الحقيقة كما هي على رأي القصيبي رحمه الله: مالت على الشعرات البيض تقطفها / يارا وتضحك لا أرضى لك الكبرا يا دميتي هبك طاردت المشيب هنا / فما احتيالك في الشيب الذي استترا. هنا تسقط حيل اللون وتبرز الحقيقة كما هي بلا ألوان، فمطاردة الشيب في التلوين لن يطارد ما تحت اللون من عوامل الهرم. • بعد هذا العمر، هل هُناك شخص تريد الاعتذار له عبر هذا الحوار؟ •• نعم أريد الاعتذار عبر هذا الحوار من قراء صحيفة «عكاظ» عن الوقت الثمين الذي أضاعوه في قراءة هذه الأجوبة التي قد لا تضيف إليهم. • أخيراً.. لو لم يتبقَّ وسيلة لصوتك إلا «عكاظ»، ماذا ستقول للعالم من خلالها اليوم؟ •• أقول في هذه الأيام الله يرفع عن العالم ما هو فيه من بلاء ووباء، ويرفع عنه ما ضيق الطريق أمام تواصله وتقدمه حتى يتصل حاضره بمستقبله، وشكرا ل«عكاظ» على ما أتاحته من فرص البوح في أيام الحجر والمنع، وشكراً لبشاير الشريدة التي تجاوزت مصدات التواصل الموضوعة بين الناس لتتيح لي فرصة التعبير عما في النفس من فضفضة قد لا تقدم كثيراً والله أعلم بالصواب، شكراً على هذه الأسئلة المتميزة التي ركزت فيها جيداً على ما يمكن عرضه لقراء «عكاظ» للعلم والاستفادة.