أكدت استشارية علم النفس الإرشادي المساعد بجامعة حفر الباطن الدكتورة سلوى المري، أن زواج الشباب من نساء يكبرنهم في العمر، يتعلق بالمكنُون الداخلي للفرد لاتخاذ مثل هذا القرار، إذ يدرك الشاب جيداً أن هذا قرار سيحدّد طبيعة حياته المستقبلية، لذلك لا يمكنه التضحية بشيء دون إدراك عواقبه جيداً. وحددت المري عدة أسباب وراء دوافع زواج الشاب بامرأة تكبره سناً، منها أن الوقت الحالي هو بوصلة التغيير على جميع أصعدة حياة الفرد سواء كان شخصياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، مضيفة أنه «مع كوكبة التغيير والتطور في المجتمعات العربية وخاصة السعودي أصبحنا نلاحظ أن ثقافة المجتمع تتجه نحو الثقافة الفردية بعد أن كان تحت مظلة الثقافة الجمعية»، ومن هذا المنطلق نستنتج احتمالية أن التوجه للثقافة الفردية هو المحرك الرئيسي لتغيير الكثير من المعتقدات والمبادئ لدى مجتمعنا ومن بينها الصورة النمطية التي تقف خلف تأطير فلسفة الزواج. وأشارت إلى أن الثقافة الفردية هي التي تصنف الأفراد وترى أن كل فرد مسؤول عن نفسه وقراراته وله الحق في الخصوصية والتفكير بصفة فردية ويعتبر هذا أمراً صحياً، لذلك أصبحت فكرة ارتباط الرجل بامرأة أكبر منه سناً أمراً مقبولاً في ظل التغيير والتطور الثقافي. وبينت الدكتورة سلوى المري، أنه عند النظر إلى فلسفة الدوافع لدى الرجل التي تقف خلف ارتباطه بامرأة أكبر منه سناً سنجد أنها تختلف من شخص إلى آخر ولابد فهمها داخل السياقات الأخرى وليس بمعزل عنها، وعلى سبيل المثال الدافع لدى (خالد) لارتباطه بامرأة أكبر منه سناً قد يكون افتقاد صورة الأم والعمل على تعويض هذه الصورة، وقد يكون الدافع حاجته باستمرار الصورة النمطية لعطاء الأم وامتدادها في شريكة حياته. وفي الجانب الآخر من الطريق نجد أن (أحمد) يفكر بالارتباط بامرأة تكبره سناً للحصول على المساندة الاقتصادية التي تتطلبها صعوبة سير عجلة الحياة في الوقت الحالي. إذن؛ فهم السياقات المختلفة للفرد بصورة كلية يساعدنا على فهم وتفسير السلوكيات الصادرة منه. وأوضحت المري أن المجتمع السعودي وعلى حسب دراسات علمية عديدة أصبح درجة شعور نسبة من الأفراد بالقلق تجاه الأوضاع الجديدة، ما يجعل الفرد قادراً على التعامل مع المواقف الجديدة والقدرة على التنبؤ بأحداث المستقبل، بمعنى البحث عن الاستقرار والأمان، وتقبل الفرد الغموض في بعض الأدوار ولا ينزعج من عدم توفر المهام بدقة وتفصيل. وهذا فعلاً ما يحدث الآن لدى شريحة من الشباب وهو البحث عن الاستقرار والأمان وتقبل دوره الغامض نوعاً ما داخل إطار ارتباطه بامرأة أكبر منه سناً في مقابل ما يحصل عليه من مكاسب مختلفة سواء كانت مادية أو نفسية والتي لابد أن تُفهم داخل السياق الكلي للفرد. ويقوم مشروع الزواج على أساس التوافق النفسي والفكري وحصول كلا الطرفين على إشباع حاجات يوفرها له الطرف الآخر بغض النظر عن نوعية هذه الاحتياجات التي بدورها تساعد على تحقيق نسبة تكيف وتوافق بين الزوجين، إذن لا يوجد فارق بالسن يعتبر هو المحك الرئيسي أو مؤشر للخطر بين الزوجين، وإنما هناك فارق وفجوة فكرية ونفسية التي تعتبر بؤرة الخطر في كل علاقة زواجية والتي بدورها لا تحقق نسبة مرضية من التوافق النفسي والقدرة على التكيف ضمن إطار هذه العلاقة.