هل سينتهي الجدل حول دور محتمل ل «الأجسام المضادة» في معالجة المصابين بفايروس كورونا الجديد؟ سؤال تصعب الإجابة عنه، في ظل النتائج المتضاربة للدراسات، والتجارب السريرية. وبالطبع فإن الحديث عن الأجسام المضادة لا بد أن يقود إلى مساعي إيجاد لقاح، من شأنه أن يجعل كوفيد-19 مرضاً يمكن التعايش معه، مثل نزلات البرد العادية. في مستشفى مايو كلينيك الأمريكي المرموق أجريت دراسة صغيرة، تقول نتائجها إن نحو 92% من المصابين بالمرض، الذين تم تنويمهم في حالة حرجة، قد تم إخراجهم من المستشفيات في صحة طيبة، بعد حقنهم بدواء يحتوي أجساماً مضادة. وأشارت النتائج إلى أن 10 من 12 مريضاً خضعوا للتجربة تحسنت حالاتهم، وغدا بعضهم غير محتاج إلى استنشاق الأوكسجين، فيما غادر آخرون المستشفى إلى منازلهم. والدواء الذي استخدمه هذا المستشفى يسمى لينزيلوماب Lenzilumab وهو يحتوي على أجسام مضادة تم تطويره لمعالجة الالتهاب وحالات رد الفعل المُفرِط من جهاز المناعة، كالذي شاهده الأطباء لدى مصابي كوفيد-19. ولم يعد المصابون الخاضعون للتجربة بحاجة للأوكسجين، بل عادوا إلى بيوتهم خلال 14 يوماً من العلاج. وفي دراسة جديدة أخرى، خلص علماء جامعة سانت جورج، وكلية الطب المداري في ليفربول ببريطانيا، بالتعاون مع معهد باستور في داكار بالسنغال، إلى أن الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد-19 يحتفظون بمعدلات مستقرة من الأجسام المضادة لنحو ما لا يقل عن شهرين بعد تعافيهم. لكن المشكلة أن هؤلاء العلماء وغيرهم لم يعرفوا بعد إن كان حامل الأجسام المضادة لم يصب بالفايروس مرة أخرى. ويتوقف تطوير اللقاح الناجع على ضمان أنه لن يسمح للفايروس بإصابة الإنسان بالمرض. وتزداد المسألة تعقيداً من حيث إن الدراسة المذكورة توصلت أيضاً إلى أن بعض من تأكدت إصابتهم بالفايروس، وتعافوا منه، لم تتكون لديهم أي أجسام مضادة. وخضع للدراسة 177 شخصاً تأكدت إصابتهم بكوفيد-19. ويعتقد بعض العلماء أن الأجسام المضادة لكوفيد-19 لا تتكون لدى من يصاب بأعراض خفيفة من المرض، بينما ترتفع احتمالات تكونها بأعداد كبيرة لدى من تكون الأعراض لديهم ثقيلة الوطأة. غير أن دراسات أخرى تبدو أكثر بشارة. فقد قال علماء، بحسب صحيفة «ديلي ميل» أمس (الثلاثاء)، إن فايروس كورونا الجديد يتحور ببطء أكثر من تحور الفايروسات التنفسية الأخرى. واعتبروا أنه تعرض لأكثر من 10 تغيرات وراثية (جينية)، لكنها لم تجعله أشد شراسة وعداوة للمصاب. ويعني ذلك أنه في حال تطوير لقاح ناجع، فإنه سيوفر حماية ضد الفايروس الأصلي الذي خرج من مدينة ووهان الصينية والتحورات التي طرأت عليه، لسنوات عدة مقبلة. كما يعني ذلك أن الوقت سيكون متاحاً أمام العلماء لتطوير لقاح لن يكون بحاجة لتعديله كل عام. وأكد العالم في مختبرات الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز الدكتور بيتر ثيلين أن الفايروس لم يتحور كثيراً منذ ظهوره في أواخر 2019. وأضاف أن تطوير لقاح ودواء لفايروس لم يتحور كثيراً أسهل كثيراً من نظيره الذي تحدث فيه تحولات وراثية كبيرة. لكن أستاذ الهندسة الطبية البيولوجية بكلية ويتينغ للهندسة الدكتور ونستون تيمب قال إنه على رغم تلك الكشوفات المبشرة، تبقى الحقيقة أن الفايروس أثبت قدرة على التفشي السريع، وأصاب ملايين البشر في أرجاء المعمورة. وقال أعضاء فريق جامعة جونز هوبكنز إنهم حللوا أكثر من 20 ألف عينة من الفايروس من مختلف أنحاء العالم، فلم يجدوا فيها تحورات تذكر، بحسب صحيفة «فايننشال تايمز» أمس.