«ليالي العيد تبان من عصاريها»، مثل عربي يتداوله الناس في آخر أيام رمضان للتأكيد على ثبوت العيد اليوم التالي، إذ ينشغلون بشراء المستلزمات والحاجات. وفي العادة تكتظ الأسواق بالمتسوقين على عجل قبل أن تغلق المحلات، خصوصا الذين يرغبون العيد في قراهم وهجرهم. الأصوات التي تتعالى في الأسواق وما يصحبها من ازدحام في الطرقات ومشادات في بعض الأحيان لعدم حصول الشخص على مستلزماته، غابت هذا العام بعد أن فرضت جائحة كورونا البقاء في المنازل «عصاري العيد» وخلت الشوارع والأسواق والمحلات التجارية من المتسوقين. ويعود سلطان العتيبي بالذاكرة إلى سنوات ماضية وكيف كانت ليلة العيد جميلة يذهب فيها إلى أسواق مكة الشعبية ليتسوق ويستمتع بالنداءات والأهازيج التي يطلقها كبار السن في محلات بيع الحلويات والبليلة، وكذلك أصحاب محلات زكاة الفطر «حلي يا حلاوة حلي وعلى النبي الكريم صلي»، وبائع الألعاب النارية الذي يبحث عن زبائنه بصوت خافت وعيون تترقب رجال البلدية خوفا من مصادرة تحويشة العمر «طراطيع طراطيع»، وكيف كانت الحياه تدب في الشوارع والمحلات التجارية وتزين الشوارع ومداخل الأحياء والمحلات التجارة في الأسواق، هذا يرد الملابس غير المناسبة، وذاك يبحث عن محل اشترى منه بعض المستلزمات وغاب عنه الاسم، وثالث يحتضن فلذات كبده للبحث عن مستلزمات تضاعف فرحتهم صباح العيد، وفي مكان منزوٍ رابع يبحث عن قوت يومه من الصدقات وحسنات أهل الخير. كل هذه المشاهد غابت هذا العام وأغلقت الأسواق آخر أيام رمضان بعد أن منحت الجهات الرسمية الفرصة لشراء مستلزمات العيد حتى ال29 من شهر رمضان، ليبقى العام مختلفا عن الأعوام الماضية، في الصمت المهيب الذي خيم على الشوارع والطرقات والأسواق، ليحكم «كورونا» على الجميع بالبقاء في المنازل والاحتفال بالعيد مع الأبناء، إذ لا يقل هذا الاحتفال عن السنوات الماضية رغم التباعد، لكننا نتباعد اليوم لنلتقي بعد العيد في صحة وأمان. «عكاظ» تجولت في أسواق العتيبية والعزيزية والغزة في مكةالمكرمة، التي خلت حتى من المارة، ليبقى السؤال: هل نغير مثل «ليالي العيد تبان من عصاريها»، كون عيد هذا العام اتضحت رؤيته من اليوم ال21 من شهر رمضان بإعلان الحجر الكلي حتى ال4 من شوال؟