أول سؤال يتبادر إلى الذهن، بعد الاضطرابات، والاحتجاجات على غلاء الأسعار، في طرابلسلبنان، هو لماذا السنة هم الأسرع اشتعالا بدول الصراع السياسي، والطائفي، وتحديدا الدول الواقعة تحت النفوذ الإيراني، مثل العراق، وسوريا، ولبنان؟ هي ليست أزمة طرابلس وحدها، بل كل لبنان، فلماذا يتم استهداف مصارف ومتاجر طرابلس؟ ولماذا ينكل السنّة بأنفسهم؟ ولماذا هم الأسرع غضبا، رغم أن الأزمة أكبر من أزمة طائفة، سواء في لبنان، أو العراق، أو سوريا، حيث إنها أزمة كيان، وبقاء دولة. نعم السنّة مستهدفون بالعراق، وسوريا، ولبنان، ومثلهم طوائف أخرى. في لبنان، مثلا، هناك غليان شيعي على حزب الله، وإيران، ومثله بالعراق، وربما يختلف الوضع في سوريا نظرا لاختلاف نسب الطوائف حيث إن السنّة هم الخزان الأكبر، ولذا ربما يخشى العلويون، كونهم أقلية، نقد إيران علنا، لكن النقمة موجودة فالوجود الإيرانيبسوريا لا يعني تطبيق مناهج جامعة هارفارد، وإنما تكريس جهل ملالي طهران. الغريب أن السنّية السياسية، فكرا ومنهجا، وقيادات، لم تطور تجربتها، ولم تستفد من أخطائها، ومنذ سقوط نظام صدام حسين حيث فوت سنة العراق فرصة الانخراط في العملية السياسية هناك، ولو من باب خذ وطالب، وبدلا من ذلك انكفأ السنّة على أنفسهم، وقادتهم العاطفة والانفعال بدلا من العقلانية. وحدث بعد ذلك ما هو معلوم حيث فقدوا قيمتهم السياسية، وحتى قوتهم القبلية. والأمر نفسه حدث بسوريا حين انقسم السوريون على أنفسهم، وارتضوا اللعب على إيقاع أردوغان، وتنظيم الإخوان المسلمين، وفي لحظة نبذ فيها التنظيم الإخواني بأهم دول المنطقة. المقلق اليوم هو أن ينجر سنّة لبنان إلى نفس الخطأ، وقد يقول قائل إن السنّة في لبنان تركوا لقدرهم، ولم يتلقوا الدعم، وتحديدا الخليجي، وهنا يكمن الخطأ، فالدعم الخليجي، وتحديدا السعودي، لم يكن دعما سنّيا فقط، بل دعما للدولة، الجيش، وكل المؤسسات، وهذا ما لم يستوعبه كثر في لبنان، ومنهم السنة. ليس مطلوبا، وهذا العقل، والمنطق السياسي، أن يكون العراق، أو لبنان، أو سوريا، فقط للسنّة، بل المطلوب أن تكون هناك دولة، ومواطنة، ومؤسسات، وتعايش، وهذه هي نقطة قوة السنّة متى ما انتبهوا لذلك، وسعوا لتطوير فكرهم السياسي، وتجديد صفوفهم القيادية لتكون مزيجا من الخبرة، والكفاءة، وليكون السنّة مركز استقطاب للعقلاء، لا مركز اللون الواحد، خصوصا أن مخزن المنطقة بالأساس هم السنّة. ولذا فإن قضية السنّية السياسية، وهكذا يجب أن تكون، هي التعايش السلمي تحت علم دولة واحدة، مستقلة، تجمع ولا تفرق. وهذا يتطلب وعيا سياسيا غير قابل للاشتعال عند أول أزمة، وفي كل أزمة. * كاتب سعودي [email protected]