كشف عميد قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) البروفيسور بيار ماجستريتي، أن الجامعة وضعت استراتيجيات قصيرة وطويلة الأمد، لإعداد قدرة الكشف عن فايروس كورونا بكفاءة أكبر، وتخفيف الاعتماد على أدوات التشخيص المصنعة مسبقا، عن طريق تحسين أدوات التشخيص من الكواشف الأساسية المتوفرة في السوق، وإنتاج بعض هذه الكواشف الأساسية محليا في الجامعة، وتطوير أدوات التشخيص السريع الجديدة لفايروس كورونا. وأوضح ماجستريتي في لقاء خص به «عكاظ»، عن المدة الزمنية المتوقعة كي تتوفر مخرجات هذه الأبحاث في الميدان، بأن كاوست سخرت جميع قدراتها لتمكّن باحثيها وعلماءها، من إجراء البحوث الملائمة لتطوير الأدوات اللازمة لتشخيص فايروس كورونا. وتم ذلك من خلال التعاون مع اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﻮﻗﺎﯾﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض وﻣﻜﺎﻓﺤﺘﻬﺎ (وقاية) ومستشفيات وزارة الصحة، التي سمحت بمشاركة عينات مع «كاوست». كما يعمل البروفيسور أرناب باين بالتعاون مع باحثين في جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة طيبة، إضافة إلى عدد من الطلبة في كلية الحرس الوطني لتوسيع هذه العملية وتسريع نتائجها. وأضاف أنه وعلى المدى القصير، قامت «كاوست» بالتحقق من صحة بروتوكول إحدى أدوات الكشف المعتمدة وتحسينها، حتى باتت تقلل حتى 3 أضعاف من كمية الكواشف المستخدمة في أكثر من 95% من العينات، ما يسمح بإجراء المزيد من الاختبارات بأداة واحدة. وأكد أنه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ستكون «كاوست» قادرة على إنتاج كمية كافية لمئات الآلاف من تفاعلات البلميرات الرئيسية، التي تعد الأنزيم الضروري للتفاعل التشخيصي، والمستخدمة في الاختبار التشخيصي القياسي الحالي (RT-PCR). الأمر الذي سيتطلب من مراكز التشخيص المتوفرة في المملكة، أن تستعين ببادئات الحمض النووي (DNA primers) لبدء التفاعل، واللبنات الأساسية للحمض النووي (dNTPs)، عوضاً عن الاستعانة بأدوات التشخيص المعدة مسبقاً، التي تعاني الأسواق العالمية من نقصها حالياً، وسيقلل هذا بشكل كبير من تكلفة الاختبار، ويعطي المملكة مرونة أكبر في تأمين كواشف الاختبار عند الحاجة لها. وبين أن «كاوست» تتعاون حاليا مع جامعة أكسفورد على تطوير الاختبارات التشخيصية لعينات فايروس كورونا باستخدام مقياس ملون لفحوصات التضخيم الحراري (loop-mediated isothermal amplification (LAMP. ويعتبر هذا الاختبار بسيط الاستخدام ويمكن ملاحظة نتائجه بالعين المجردة، من خلال تغير لون الاختبار. وأشار ماجستريتي إلى أن «كاوست» تعمل مع المؤسسات الأكاديمية العالمية على تحسين اختبارات تشخيص فايروس كورونا. وقال «هذه ليست عملية واسعة النطاق، ولكن كاوست ستساهم بقدرتها الخاصة لمساعدة مستشفيات وزارة الصحة في فحص العينات والإصابات». والمح إلى أن «كاوست» تعمل حالياً على تطوير أقنعة للوجه ضمن مرافق مختبراتها الأساسية، باستخدام المواد المحلية، ليتم استخدامها من قبل مقدمي الرعاية الصحية. كما تعمل «كاوست» على تصميم أجهزة بسيطة للمساعدة في التنفس، بدعم من الشراكة بين «كاوست» و«مكلارين»، التي تغذي هذه المبادرة عن طريق الأفكار والتصاميم. كم أن هناك مشاورات قائمة مع البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية لتسريع عملية الإنتاج، بمجرد الموافقة على التصميم واعتماده من قبل الجهات المختصة، إضافة إلى أن فريق العلماء في «كاوست» يعمل على تحسين اختبارات فايروس كورونا في مياه الصرف الصحي، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على إيجاد نظام تحذير مبكر لوجود أي رواسب لفايروس كورونا في مجتمعات معينة. كما تعمل «كاوست» على استخدام الأدوات الحسابية والذكاء الاصطناعي في تحليل صور الرئة (مثل صور الأشعة المقطعية) من مرضى كورونا للتوصل إلى تشخيص دقيق. واستطرد ماجستريتي قائلاً: «كاوست» تستخدم قدرات بنيتها التحتية، خاصة تلك الموجودة في مختبر العلوم الحيوية، في عملية تسلسل «الجينوم» والتحليل المعلوماتي الحيوي لسلالات فايروس كورونا2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة، لتتبع الطفرات في الجينوم الفايروسي لفهم أفضل لعلم الأوبئة الجينومية لفايروس كورونا. أما على المدى الأطول (خلال الأشهر القادمة)، فتعمل «كاوست» على تقديم منصات تشخيصية جديدة، تستخدم أنزيمات التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة والمنتظمة التباعد - كريسبر (CRISPR)، التي يمكن استخدامها في المنزل أو عند نقطة الرعاية الصحية للكشف عن الفايروس، التي تشبه إلى حد كبير شرائط اختبار الحمل وأجهزة استشعار مستوى السكر في الدم لدى مرضى السكري. وأشاد ماجستريتي بالإجراءات التي اتخذت من قبل الحكومة السعودية ووزارة الصحة ووصفها بأنها كانت خطوات استباقية وحاسمة اتخذت في الوقت المناسب، وساعدت بالتأكيد على احتواء الفايروس والحد من انتشاره. على سبيل المثال، كان تعليق الرحلات الدولية والرحلات الداخلية واعتماد قيود على التنقل بين المدن السعودية، وكذلك وضعت قيوداً على السفر بين الحدود البرية الدولية، خطوة حاسمة لوقف استيراد الفايروس من الخارج. كما أن القيود المفروضة على التجمعات الاجتماعية وفرض منع التجول، من شأنها أن تحد من انتشار الفايروس. وبين عميد قسم العلوم الجيولوجية أن هناك تعاوناً وثيقاً بين «كاوست» والجهات المعنية بالرعاية الصحية في المملكة بخصوص محاربة فايروس كورونا، حيث يعمل الباحثون في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بقيادة عدد من أعضاء هيئة التعليم في الجامعة، مع العاملين في مستشفيات وزارة الصحة ومركز الوقاية من الأمراض ومكافحتها (وقاية)، في مجالات التشخيص وعلم الأوبئة الجينومية والبيئية، «نحن نبني شراكات طويلة الأمد في مجالات أخرى تتعلق بفايروس كورونا وغيره. وتعد هذه الشراكات جزءاً من مبادرة الصحة الذكية التي أطلقتها كاوست في الآونة الأخيرة، التي تدعم التعاون بين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ومراكز طبية مختارة في المملكة». وأوضح ماجستريتي أن من السابق لأوانه القول إن ما يتم تداوله عن لقاحات هي لقاحات فعالة في محاربة كورونا، نظراً لأن الفايروس جديد تماماً، الأمر الذي يستغرق وقتاً أطول لتصميم لقاح فعال. وحالياً هنالك العديد من اللقاحات قيد التطوير. وبدأت التجارب السريرية بالفعل في أماكن أخرى من العالم لاختبار فعالية وسلامة بعض تركيبات اللقاحات. وأشار إلى أنه وبشكل عام، فإن أي شخص يعاني من ضعف جهاز المناعة هو أكثر عرضة للإصابة بالفايروس. ويظهر هذا الضعف بشكل خاص في كبار السن والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية موجودة مسبقاً، مثل السرطان وأمراض الرئة وارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب والسكري. «في الأسابيع الأخيرة، رأينا شباباً يعانون من أعراض شديدة للفايروس وحالات وفيات بين الشباب. كثير من هؤلاء الشباب لم يعانوا من مرض مزمن من قبل. من المحتمل أن يكون هناك نوع من الضعف الجيني، الذي يمكن أن يفسر شدة المرض لدى الأفراد الأصغر سناً». وختم البروفيسور ماجستريتي حديثه ل«عكاظ»، مجيباً عن تساؤلات حول ما إذا كانت هنالك مشاريع مستقبلية لتؤسس «كاوست» مستشفى جامعياً مثل المستشفيات التابعة لجامعات عالمية، حيث أجاب مؤكداً أنه لا توجد خطة لإنشاء كلية للطب في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومع ذلك، فقد أطلقت «كاوست» مبادرة الصحة الذكية، التي تربط عدداً من المستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية الأخرى في المملكة ب«كاوست» على نطاق واسع. من المتوقع أن تبدأ برامج البحث الرئيسية تحت مظلة مبادرة «الصحة الذكية للجامعة» من خلال العمل على القضايا الصحية الرئيسية المتعلقة بالمملكة، وستكون أبحاث الأمراض المعدية أحد هذه المواضيع الرئيسية في هذا البحث. وستبقى أبحاث فايروس كورونا أولوية ضمن هذه المبادرة. كما يعد تدريب الأطباء على البحث الأساسي، جزءاً من مبادرة الصحة الذكية من خلال برنامج «العالم الطبيب» وبرنامج «دكتوراه في الطب» بالتعاون مع الجامعات التي تمنح هذه الدرجة الطبية.