عندما اتخذ الروس قرار التخلّي عن اتفاق (أوبك+) ورفضوا التجديد لم يدر في مُخيلتهم أن تكون الخطوة السعودية تسارع وتيرة الضخ والإنتاج وتخفيض سعر البرميل لتزداد الهيمنة السعودية على السوق العالمي.. لم يتجاوز تفكير الروس حد أن السعودية ستواجه خطوتهم بتخفيض إنتاجها لتتماسك أسعار النفط عالمياً.. أراد الروس تفكيك شركات النفط الصخري الأمريكية والسيطرة على السوق وابتزاز السعودية بجعلها تحت رحمة ميزانية مرتبطة بسعر عادل للبرميل! حدث العكس، السعودية دفعت روسيا ومعها كل دول العالم المُنتجة للنفط إلى حافة الهاوية بدءًا من النرويج مروراً بالمكسيك ووصولاً إلى أمريكا.. لقد جعلت الجميع يقف على أطراف أصابعه محاولاً التماسك حتى لا يقع في وادٍ سحيق.. فجأة الكل أصبح يريد اتفاقا عادلا يحفظ للسوق توازنه! هذا الكل الذي كان إلى فترة قريبة يرفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل التباحث حول كيفية إيجاد سعر عادل يرضي المستهلك والمُنتج.. وفي أحاديث الروس مع الأمريكان كانوا يرددون أنهم لم يتوقعوا أن يكون ردّ فعل السعوديين بهذا الشكل.. الرئيس الروسي بوتين بعد أن تجاوزت بلاده الصدمة، أعلن أن روسيا ستعمل على خفض إنتاج النفط بالاتفاق مع السعودية ودراسة العودة لاتفاق (أوبك+) مع دخول مُنتجين آخرين كانوا خارج دائرة منظمة أوبك واتفاق (أوبك+).. الذي جعل السعودية قوية خلال هذه الأزمة هو مصداقيتها في التعاطي مع الآخرين حول سلعة ترى أنها أساسية ولا يجب أن تخضع لأي لعبة سياسية، لقد استوعب الجميع الدرس وبدأوا يبحثون عن حل وهذا جيّد.. أخيراً.. لا تتوقع مع السعودية، لأنها ستقوم بما لا يخطر ببالك.. هذه القاعدة الثابتة الآن في نظر الروس بلا شك.. من حاول ابتزاز السعودية كان يرى نفسه قادراً على التوقع، لكن المُفاجأة أن السعودية لا يمكن لك أن تتوقع ردّ فعلها أو أن تعرف ما هي خطوتها القادمة، نجحت السعودية فيما فشل الآخرون، وهكذا كانت النهاية..