اتفقت دول أوبك في اجتماع الجزائر شهر سبتمبر الماضي على العمل على تخفيض إجمالي إنتاج أعضاء المنظمة ليصل إلى ما بين 32.5 و33 مليون برميل يومياً، وتم الاتفاق على الوصول إلى تفاصيل هذا التخفيض في اجتماع أوبك الرسمي المقرر عقده غداً في فيينا. ويقدر أن إنتاج دول أوبك يبلغ حاليا حوالي 33.8 مليون برميل يوما، أي أن أوبك ترى أنها بحاجة إلى إجراء خفض في إنتاج أعضائها يتراوح بين 800 ألف برميل و1.3 مليون برمل يوميا لكي يتحقق توازن السوق عند مستويات سعرية أعلى وأكثر مناسبة للدول الأعضاء. وصول أوبك إلى اتفاق على تخفيض إنتاجها يواجهه معوقان رئيسان. أولهما: مشكلة من يرغبون الركوب مجاناً سواء داخل أوبك أو خارجها. فجميع دول أوبك ترغب في حدوث تخفيض في إجمالي إنتاج دول المنظمة لكن العديد منها ترى ضرورة استثنائها من أي اتفاق بتخفيض الإنتاج، وهذه الدول تشمل دولاً مهمة في المنظمة على رأسها إيران والعراق وليبيا ونيجريا، ما يجعل عبء أي تخفيض يقع على دول أخرى وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي الأعضاء في أوبك وهي المملكة والكويت والإمارات وقطر. أما من يرغب في الركوب المجاني خارج أوبك فيشمل دولاً مهمة مثل روسيا أكبر منتج للنفط في العالم، والتي أعلنت أنها ستدعم أي قرار من أوبك بتخفيض الإنتاج من خلال صرف النظر عن أي قرارات بزيادة إنتاجها لكنها لن تخفضه. وتخفيض مليون برميل من إنتاج أوبك حتى لو حصل فإنه لن يكون كافياً للتخلص من فائض العرض النفطي ولابد أن تساهم الدول الرئيسة المنتجة للنفط خارج أوبك بهذا الجهد من خلال تخفيض إنتاجها لا أن تكتفي فقط بتجميده. المعوق الثاني الذي تواجهه أوبك هو أن أي نجاح تحققه في رفع الأسعار نتيجة تخفيض إنتاجها سيترتب عليه رفع لجدوى إنتاج النفط غير التقليدي وخاصة النفط الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بحيث يعود إجمالي النفط العالمي إلى مستوياته الحالية فتتراجع الأسعار من جديد. هذه التحديات تؤكد أن مشكلة تراجع أسعار النفط لا يمكن أن تحل إلا من خلال تخفيض كبير في إنتاج أوبك وفي إنتاج المنتجين الآخرين خارجها خاصة روسيا والمكسيك والنرويج والبرازيل، بحيث يترك مساحة كافية للنمو المؤكد الحدوث في إنتاج النفط الصخري فلا يتسبب ذلك في ضغط على الأسعار للانخفاض من جديد. وحيث إن اتفاقاً على تخفيض من هذا النوع سيكون مستحيلا، وبما أن أي تخفيض محدود حتى لو تم التقيد به لن يكون مجدياً على مدى أطول وسيصب فقط في صالح منتجي النفط غير التقليدي، فإن هناك فرصة ضئيلة لأن تتفق دول أوبك على تخفيض إنتاجها في اجتماعها غداً، وستظل السوق النفطية تعاني من فائض يبقي الضغط على الأسعار للانخفاض خلال المرحلة القادمة، والسبيل الوحيد لخفض الإنتاج بما يواكب حجم الطلب العالمي على النفط هو من خلال حدوث تراجع قسري في الطاقة الإنتاجية نتيجة تراجع الاستثمارات في ظل التدني الحالي للأسعار يختفي معه فائض العرض النفطي فتتوازن السوق عند مستويات سعرية أعلى.