في التاسع من يناير الماضي أعلنت الصين رسمياً عن اكتشاف حالات ل فايروس «كورونا». عند كتابة هذا المقال، توفي ما يقرب من 3000 إنسان، مع ثبوت ما يقرب من 80 ألف إصابة بالمرض، في الصين وحدها. في أقل من شهرين أصاب الفايروس 60 دولة. في الوقت الذي أثبت فيه المرضُ قدرةً فائقةً على سرعةِ انتشارِهِ، متجاوزاً الحدودَ الجغرافية للبلدان والتضاريس الديموغرافية للبشر، نرى منظمة الصحة العالمية تتردد في إعلانه وباءً، والاكتفاء بالقول: إنه مرضٌ مقلقٌ، كل ما يحتاجه مزيداً من الحذرِ والمتابعة! أثّرَ هذا المرض على ثاني اقتصاديات العالم.. وتضررت البورصات العالمية، بشدة.. وتقلص حجم التجارة العالمية.. وانخفضت حركة الانتقال حول العالم، مؤذنة بخسائر كبيرة لشركات الطيران العالمية.. كما أغلقت كثيرٌ من الدول حدودها، وحذرت مواطنيها والمقيمين في أراضيها، وطالبتهم بالحد من التجمعات الكبيرة في الأسواق ودور العبادة وأماكن الترفيه... حتى أنه، كما هو في الصين، فُرِضَ حجرٌ صحيٌ على مدنٍ بأكملها. ما الذي يحدث بالضبط، هل هذه «بروفة» ل «سيناريو» حربٍ كونية ثالثة، بيولوجية، هذه المرة؟ سبق واستخدم السلاح البيولوجي في الحرب العظمى، إلاّ أنه جرى تحريمه بموجب اتفاقية جنيف 1925. تلى ذلك معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية 1972، التي تحرم تطوير وامتلاك وتخزين الأسلحة البيولوجية، دون فرض آليات فعالة للتحقق من ذلك، مما أدى لتحايل الدول الكبرى (الولاياتالمتحدة، على سبيل المثال: لها مختبرات بيلوجية حول العالم) تحايلاً لاحتمالية وشبهة كونها تطور أسلحة بيلوجية، في أراضيها. الأسلحة البيولوجية، رخيصة الثمن.. سهلة التطوير، لا تحتاج إلى وسائل توصيل معقدة ومكلفة.. ولا قواعد عسكرية لتخزينها والانطلاق منها، عصية على الرقابة في تنقلها وتحركها. هذا بالإضافة إلى أضرارها الشديدة الفتك بالبشر.. وانعدام أضرارها بالمنشآت، مثل الأسلحة التقليدية والأسلحة النووية. من هنا تعترض بعض الدول الكبرى، خاصةً الولاياتالمتحدةالأمريكية، على إنشاء وكالة دولية للرقابة على الأسلحة البيولوجية، للتأكد من الالتزام بمعاهدة 1972. خيار استخدام الأسلحة البيولوجية وارد، خاصة لدى الدول الكبرى. الجهود تنصب في تطوير فيروسات تتمتع بقدرة فتك أكبر.. وفترة حضانة أطول.. ومقدرة اختيار (جينية) دقيقة، في انتقاء أهدافها لتصيب أعراق بشرية بعينها.. وتطوير أمصال مضادة لها، لاستخدامها انتقائياً عند انتشار وبائها.. أو حتى استخدامها قبل أو أثناء شن الحرب البيولوجية. تحديات تكنولوجية وأخلاقية تواجه قرار تطوير واستخدام الأسلحة البيولوجية. لكن الحربَ، في النهاية، إنما هي رهانٌ يقومُ على حساباتٍ خاطئة. البشرية، طوال تاريخِها تلجأُ للحروبِ، دونَ التبصرِ في نتائِجِها مقدماً.. دعكَ من أخذ أخلاقياتِ اللجوءِ إليها في الحُسْبَانِ. الأسلحة البيولوجية من أخطر الأسلحة المهلكة.. وقد تكون أكثر أسلحة الدمار الشامل (بشرياً) إغراءً باللجو إليها، للغموض الذي يكتنفها.. وتضاءل إمكانات الردع المتبادل في قرار اللجوء لخيارها. * كاتب سعودي [email protected]