بعد أن أقال رئيس وزرائه بكلمة واحدة وعين بدلا منه رئيسا متهما بالفساد العالمي، جلس وحيدا يفكر في حاله وأحواله وأوضاع دويلته الصغيرة التي تحولت إلى جزيرة معزولة عن العالم، عابرة في مهب الريح، تتلقى من أنقرة وطهران التعليمات والتحذيرات، تذكّر كل من حوله من المرتزقة والعملاء الذين يعيشون على أزمة جزيرته، يمنعون تقدمه خطوة واحدة تجاه الرياض؟ بدأ يقرض أصابعه متوترا، ثم راح يحكّ رأسه وهو يسأل! فقفز إلى ذهنه الصحفي «تشارلي روز» من قناة «سي بي إس نيوز»، الذي أجرى معه لقاء 60 دقيقة، قبل عامين، وقال له بعد اللقاء: «إذا فكرت يوما قبول مطالب دول المقاطعة، لا تتحدث مع أحد حولك، تحدث معي». كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة مساء في الدوحة، أي أنها في نيويورك ما زالت صباحا، فحمل جواله الخاص، واختار رقم تشارلي من القائمة وهو متردد، ماذا سيقول له؟ لكنه قرر أن يتابع فضغط على علامة الاتصال، وبعد رنّة واحدة فقط، سمع تشارلي يقول: علمت منذ فترة بأنك في ورطة، هل قررت؟ قال لتشارلي إنه ما زال يفكر، فسأله تشارلي ذات السؤال الذي سأله في المقابلة: وهل ستوافق على إغلاق الجزيرة؟ فأجاب: لا أعلم بعد، هذا قرار ليس سهلا علي، أنت تذكر إجابتي، قد أتمكن من تغيير اللهجة كليا، بحيث لا تكون عدائية تجاه أي دولة من هذه الدول، لست متأكدا من قبولهم بهذا الحل. سأله تشارلي: والإخوان، ماذا ستفعل بهم؟ قال: هناك فكرة لترحيلهم إلى تركيا، ما زالت قيد المناقشة. فقال تشارلي: هذا موضوع معقد، هل تحب أن تظهر معي في البرنامج لمناقشة ذلك، فقد تتمكن من تمرير بعض الأفكار. فقال: لا، أريد أن أراك غدا الساعة السادسة مساء في فندق «سافوي» في لندن، فقد تم تأمينه ليكون بعيدا عن الأعين، ونتحدث دون علم أحد، فأنا أثق بك، هل يمكنك ذلك؟ فأجاب تشارلي: بالطبع، إلى اللقاء. تدبر رحلته إلى لندن دون علم أحد، مرافقه وبعض المقربين الموثوقين من حرسه الخاص، قال إنه سيذهب للقنص، وصل لندن الخامسة مساء وانطلق إلى سافوي، كان تشارلي بانتظاره، فوضعا الأوراق على الطاولة وراحا يناقشان «الخطة ب»، والتي سيجري تنفيذها خلال العام 2020 وتستند على عقد علاقات عامة مع إحدى شركات صديقة لتشارلي ستحاول الضغط لإقناع دول المقاطعة التخفيف من البنود ال13، ولو قليلا..! قال تشارلي منهيا اللقاء: اتفقنا، لكن ستكون مهمتك الأساسية هي تحييد والدك قدر المستطاع. قال: تم. عاد الشيخ إلى جزيرته، يحمل «الخطة ب»، فوجدهم جميعا ينتظرونه في المطار الخاص، يبتسمون بسخرية، ويحملون معهم «الخطة أ»، فنظر في عيني وزير الخارجية السابق الهازئة وعرف أنه كان يراقب تحركاته كلها فنبههم وجاء بهم و«خذهم بشراع وميداف» ! * روائية وباحثة سياسية [email protected]