لوهلة اليوم، أصبح الشأن الفلسطيني موضوعاً منسياً داخل الكم المخزي من الانهزامات والنكسات العربية، ليعود ويطفو من جديد. فرحت أن الحديث عاد بما يسمى ب «صفقة القرن» والتي رفضها الفلسطينيون قبل حتى الاطلاع، وهو ليس تصرفاً جديداً عليهم، وسماها الإسرائيليون بالخطة العظيمة قبل حتى الاطلاع على تفاصيلها كذلك! بقراءة سطور من التاريخ بداية من تمكين اليهود من الاستيطان في عهد عبدالحميد الثاني ثم الاحتلال الصهيوني ومروراً بأيلول الأسود واتفاقية كامب ديفيد ووصولاً إلى اتفاقية أوسلو، والتي وصل بها الفلسطينيون لاتفاقية سلام مع إسرائيل.. كل تلك اللمحات التاريخية كانت ضمن سطور التاريخ ورغم كل ذلك لم يصل الفلسطينيون إلى سلام بل إلى مهاترات عربية لم تسهم ذات يوم في نهضتهم بل أسفرت بانقسامات متتالية حتى بات الأمر أشبه بالمستحيل أن يكون هناك سلام! صفقة القرن التي تقدم بها الرئيس الأمريكي هي مجحفة تماماً في حق المناضلين في القضية في فلسطين وخارج فلسطين، إلا أنها قد تكون الأخيرة، خصوصا أن إسرائيل تواصل عمليات الاستيطان والتوسع الجغرافي والصناعي والاقتصادي، حتى باتت دولة واقع لا خيال وأوهام في عقول أصحاب الشعارات القومية. من يقرأ الواقع الفلسطيني يدرك تماماً أن صفقة القرن هي فرصتهم الوحيدة ورفضها بالمجمل من قبل الحكومة والفصائل يعطي مؤشرا ببقاء القضية كمادة للابتزاز العربي.. خصوصاً أن موقف الدول العربية لازال قائماً بأن السلام الشامل هو الحل لنهاية القضية وعودة الحقوق الفلسطينية بقيام دولتهم رسمياً. من يقرأ التاريخ جيداً يعلم مواقف الدول العربية وحجم التضحيات التي قدمت للقضية، إلا أن استمراريتها دون حل ودون تفاوض هو شأن خاص بأهل القضية، إلا أنه لا يعطيهم الحق في مهاجمة من وقف ودعم وناضل من أجلهم ووصفه ببائع للقضية.. تلك الشتائم التي يحاول أهل القضية لصقها بالسعودية ما هي إلا إثبات أن بقاء قضيتهم هو بقاء للابتزاز العربي، ونهايتها يعني نهاية التدفق المادي للفصائل التي تقتات على قضية القرن! وبقراءة سطور الواقع التي نعيشها سيذكر التاريخ أن القضية كانت أساسية في الوطن العربي حتى قام أهلها بجعلها ثانوية. التاريخ يعيد نفسه من جديد، فهم يرفضون خططاً لم يطلع عليها الفلسطينيون، والعالم العربي لن يقف طويلاً على القضية الفلسطينية وهم يجب أن يعوا ذلك، فالعالم بأسره يدور ومشاريع السلام تأتي وتذهب والحال من سيئ لأسوأ بالمنطقة.. فسوريا والعراق وليبيا والسودان واليمن في حال مؤسف وأنظمة ودول بأكملها انهارت وتغيرت الوجوه وتغير الفلسطيني والسوري والعراقي والسعودي وجاء جيل جديد تبدلت له أفكار وحدود.. جيل تعب من الحروب والهموم والفساد والدكتاتورية ويريد الحياة! جيل قد تكون أقل همومه في يوم من الأيام فلسطين، إلا أن سماسرة السياسة الذين كانوا منفيين بمنظمتهم بتونس يتعاطون مع المنطقة بمدارسهم البائدة التي أبادت جيلاً كاملاً معها. الإسرائيلي اليوم مضطر للتفاوض وهو على دراية كافية بخصمه الرافض في موقفه طوال 40 عاماً والذي يجامل بعض فصائله حكومات أخرى مثل إيران وسوريا بكل شفافية ووضوح، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سألتم الجيل الجديد إذا كانت اتفاقية «أوسلو» التي أعادت 150 ألف فلسطيني من المنفى وأعطت الفلسطينيين شرعية دولية وكياناً إدارياً على الأرض مرضية؟ وما الذي يستفيده المرتزقة من تعطيل كل مشاريع السلام ولمصلحة من؟ وكل يوم يتعطل فيه السلام تتمدد إسرائيل وتتقلص الأراضي الفلسطينية، ولا لن تسقط معجزة من السماء عليكم ولن يكون أي رئيس أمريكي ضد إسرائيل ومتعاطفاً مع القضية الفلسطينية.. هم كلهم تماماً مثل كل الذين مروا على القضية وناقشتموهم في كل عمليات السلام. خذ وطالب.. أنا لا أطلب منكم أن ترموا بشعوبكم للمجهول وإنما العقل مطلوب بمعطيات اليوم وواقع الحال وتقديم حسن النية! أين دور الدبلوماسية والإيجابية في سياساتكم لكسب ورقة قد تغير أو حتى تقلل من واقع مخز. * كاتبة سعودية WwaaffaaA@