بعد 47 عاما، انفصلت بريطانيا رسميا عن الاتحاد الأوروبي منتصف ليل أمس (الجمعة)، على أن يعقب هذا الانسحاب مرحلة انتقالية حتى نهاية ديسمبر. وحقق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الوعد الذي قطعه على نفسه في حملة الدعاية الانتخابية، وهو إنجاز «البريكست» عبر «الطلاق البائن» من التكتل الأوروبي. الزواج البريطاني الأوروبي الذي قارب نحو نصف قرن لم يذهب للنهاية، لاسيما باعتماد عملة اليورو والدخول في فضاء شنغن الموحّد. كذلك الطلاق لن يذهب للنهاية، فالطرفان محكومان بالبقاء ضمن علاقة مصيرية، اقتصادياً وسياسياً. وسيصبح الأول من فبراير علامة لبداية مرحلة جديدة من المفاوضات بين لندنوبروكسل للاتفاق على شكل العلاقة بين الطرفين مستقبلاً. وسيكون أمام الطرفين مهلة حتى نهاية 2020 للتوصل إلى اتفاق على التجارة وقضايا أخرى بما في ذلك الأمن والطاقة والمواصلات وحقوق صيد الأسماك وتدفق البيانات. وستظل بريطانيا في تلك الفترة الانتقالية عضواً في الاتحاد في كل شيء ما عدا الاسم، وفقا لوكالة «رويترز». وإذا أخفق الطرفان في التوصل إلى اتفاق سيصبح البديل القانوني الساري الخروج من الاتحاد دون اتفاق وهو ما قد ينطوي على معوقات وستسري وقتها معايير منظمة التجارة العالمية على التجارة بين الطرفين اعتبارا من 2021، الأمر الذي سيؤدي إلى فرض رسوم استيراد وقيود. وقال مستشار الاتحاد الأوروبي لشؤون بريكست ستيفان دو رينك، إن الوصول إلى حافة الهاوية «لا يزال احتمالاً قوياً» لأن إيجاد أرضية مشتركة بحلول 31 ديسمبر سيكون أصعب من الاتفاق على شروط «الطلاق» التي توصل إليها الجانبان في أكتوبر بعد أكثر من 3 سنوات من الاستفتاء بالانفصال. وفي العادة يستغرق إتمام اتفاقات تجارية مع الاتحاد الأوروبي سنوات ولا يعتقد أحد تقريباً في بروكسل أن الفترة الانتقالية ستكفي لإبرام ما يتجاوز مجرد الخطوط الأساسية لاتفاق تجاري. وتخشى بريطانيا أن يجعل استمرار الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاقات تجارية مع دول أخرى لاسيما الولاياتالمتحدة أكثر صعوبة. ورغم أن الفترة المتاحة على الورق أمام الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لإبرام اتفاق يحكم العلاقات المستقبلية هي 11 شهراً، فإن الإطار الزمني في الواقع أصغر كثيراً. فلن تبدأ المحادثات رسمياً إلا بعد موافقة حكومات الاتحاد الأوروبي على التفويض الخاص بإجراء المفاوضات في أواخر الشهر القادم. ثم يتعين على الطرفين التوصل إلى اتفاق بحلول منتصف أكتوبر للسماح بفترة كافية لترجمته إلى لغات الاتحاد الأوروبي الرسمية ال23 والحصول على الموافقات البرلمانية اللازمة قبل نهاية العام. لكن السؤال المثير، هو ما يطرحه الانفصال حول احتمالات تفكك بريطانيا وتوجه اسكتلندا إلى الانفصال بعد استحواذ الحزب الوطني الإسكتلندي على عدد 48 مقعدا في البرلمان البريطاني ليحل ثالثا بعد حزبي المحافظين والعمال.