ترتبط دورات كأس الخليج بذاكرة ووجدان كل الخليجيين دون استثناء، فقد كانت تجمعا أخويا يلتقي فيها أبناء الخليج على المستطيل الأخضر ليتنافسوا فيما بينهم ويظهروا مهارتهم، وبقيت دورات الخليج على مدى قرابة خمسة عقود وفية لأبنائها، فمن خلالها ولد العديد من نجوم الكرة الخليجية الذين صالوا وجالوا في الملاعب المحلية والعربية والآسيوية وحتى العالمية. ولئن كانت العلاقة بين دورات الخليج ومواطنيها علاقة وجدانية، فإنها تبقى علاقة حميمية ما بين السعوديين وهذه البطولة، خصوصا أنها فكرة سعودية خالصة، حيث أول من قدم فكرة إنشاء بطولة لدول الخليج العربي كان مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل. وترجمت الفكرة عمليا على أرض الواقع بعد ذلك بعامين وتحديدا في عام 1970م في البحرين بمشاركة أربعة منتخبات هي: السعودية والبحرينوالكويتوقطر. وتتالت فرق الخليج العربي للانضمام لتصل إلى سبعة فرق، وفي النسخة السابعة عشرة عام 2004م أصبح عدد الفرق ثمانية بعد انضمام اليمن وعودة العراق. «عكاظ» أبحرت في ذاكرة أربعة نجوم سعوديين مثلوا المنتخبات الوطنية في دورات مختلفة، حيث يمثل كل لاعب حقبة زمنية معينة، لتسترجع معهم أبرز ذكرياتهم في هذه الدورات وما ترسخ في أذهانهم، ومدى العلاقة التي تربطهم بهذا البطولة التي وصلت للنسخة الرابعة والعشرين على مدى قرابة خمسة عقود. أحمد عيد (خليجي 3-2-1) يتنهد قائد المنتخب السعودي السابق ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم السابق الكابتن أحمد عيد عند سؤاله عن البطولة وذكرياته فيها قائلا: «نحن نتحدث عن فارق زمني 49 عاما بين البداية والحاضر، والتي أطلق فكرتها الملهم الأمير الشاعر خالد الفيصل والعمل الجبار للشيخ محمد آل خليفة الذي حول الفكرة إلى دورة رياضية ألهبت المشاعر، وفجرت الطاقات، وصنعت المعجزات». ويستذكر عيد المشاركة الأولى للمنتخب السعودي في الدورة الأولى، حيث لم يكن لديه ملابس تدريب وكل لاعب يرتدي لونا مختلفا، بينما اليوم فإن المنتخب السعودي -وبقية المنتخبات المشاركة- يحضرون وفق تنظيم عال وفكر متطور وشركات راعية تصنع له ملابسه ويعد ذلك من أبجديات كرة القدم المتطورة. عيد الذي يعتبر شاهد عيان على البطولة شارك في الدورة الأولى وهو لم يبلغ العشرين من العمر ثم الثانية والثالثة، وبعد ذلك شارك فيها كعضو في اتحاد كرة القدم ثم كرئيس لاتحاد القدم وعضو اللجنة المنظمة لخليجي 22 يبدي فخره بأنه الحارس الوحيد الذي لعب 3 دورات، وحاز على لقب الأفضل مرتين، وفي الثالثة كان الثاني وهو وسام يتشرف فيه على مدى مسيرته الرياضية. سعيد العويران (خليجي 12-11) لا تفارق مخيلة النجم سعيد العويران تفاصيل المشاركة الأولى له مع الأخضر السعودي على مستوى دورات الخليج وتحديدا قبل 27 عاما، عندما ظهر في خليجي 11 والتي استضافتها قطر، حيث لا ينسى تعثر البدايات أمام المنتخبين البحرينيوالإماراتي الذي كلف المنتخب خسارة البطولة على الرغم من انتصاره في ثلاث المباريات المتبقية أمام الكويت وعمان وقطر المستضيفة والبطلة والتي سجل فيها العويران هدف الفوز في مرمى الحارس أحمد خليل وكان أول أهداف العويران خليجيا. سعيد كان شاهدا على أول بطولة حققها الأخضر خليجيا في الأراضي الإماراتية عام 94 بعد المشاركة التاريخية في مونديال أمريكا، حيث لا ينسى هدفه في مرمى حارس البحرين المخضرم حمود سلطان، ونال في هذه المباراة جائزة أفضل لاعب وكان عبارة عن جهاز الاستقبال الخاص بقنوات «أوربت»، حيث يشير العويران إلى أن قيمته آنذاك تصل ل44 ألف ريال. يؤكد الكابتن سعيد أن البطولات الخليجية عبارة عن تجمع أخوي جميل يزيد أواصر المحبة بين أبناء الخليج ويعمق العلاقات، وهو ما لمسه في أجمل مشاركاته كما يصفها بخليجي 12 بدولة الإمارات العربية المتحدة. إبراهيم سويد (خليجي 17-16-14) ما بين ذكريات جيدة وأخرى سيئة يسترجع الكابتن إبراهيم سويد شريط ذكرياته خلال مشاركاته الثلاث في خليجي 14 التي استضافتها البحرين عام 1998م والتي حل فيها وصيفا على الرغم من قوة الأخضر حينها. مرورا بأجمل ذكرياته على الإطلاق في بطولات الخليج وكانت في خليجي 16 الذي لُعِب في الكويت، وكان السويد شاهد عيان على آخر بطولة حققها الأخضر قبل 15 عاما. ويؤكد السويد أن هذه البطولة كانت مزيجا من عناصر الخبرة كخميس العويران وأحمد الدوخي ومحمد نور ورضا تكر وغيرهم، ولاعبين شبان كياسر القحطاني وسعد الحارثي وحمد المنتشري وغيرهم شكلوا نواة منتخب قوي تأهل للمونديال ووصل لنهائي آسيا عام 2007م. إبراهيم وضع بصمته التي لا ينساها في هذه البطولة بتسجيله هدف الفوز في مباراة الأحمر البحريني. وعلى الطرف الآخر فإن إبراهيم الذي خاض تجربتين احترافيتين في الأهلي ثم الاتحاد يصف مشاركته في خليجي 17 بأنها الأسوأ بعد خروج المنتخب لأول مرة من دور المجموعات، حيث ودع السويد مشاركات كؤوس الخليج بهدف في المنتخب اليمني وهي الذكرى الإيجابية الوحيدة من هذا المشاركة. كامل الموسى (خليجي 21-20-18) يعتبر النجم الدولي المعتزل كامل الموسى من اللاعبين القلائل الذين شاركوا في ثلاث بطولات خليجية في فترة زمنية متباعدة من الأجيال التي ظهرت بعد آخر بطولة، حيث شارك الموسى في خليجي 18 بالإمارات ليغيب بعدها عن خليجي 19 بعمان ويعود أساسيا في خليجي 20 التي استضافتها اليمن حينها. يعود كامل بالذاكرة لهذه المشاركة، إذ لا يسنى الحواجز التي كانت منصوبة في طريق حافلات المنتخبات المشاركة في البطولة ما بين مقرات السكن والملاعب بسبب الحالة الأمنية مما أصابه بالتوتر والخوف. وما زال الموسى متعجبا من الجمهور اليمني الذي وصفه بأنه الجمهور الوحيد في العالم الذي استضاف البطولة وشجع كل المنتخبات المشاركة فيها، ليحقق أحد الأهداف السامية لكؤوس الخليج.