خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- في ختام أعمال السنة الرابعة للدورة السابعة في مجلس الشورى السعودي، يضيء جوانب كثيرة من وعود منجزة وأخرى في طريقها للإنجاز. ويأتي الخطاب الملكي هذا العام في وقت حساس سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الإقليمي والدولي، فالسعودية تعيش مرحلة التغييرات الكبرى في أنظمتها وتشريعاتها على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالخطاب خارطة طريق للمجلس حتى يصل إلى ما تريده القيادة منه، وما يلزم العمل عليه، عند ذلك لابد من الوعي أن دولة بحجم المملكة العربية السعودية وتملك رؤية بحجم 2030 أيضاً، ليس من السهل العمل على ذلك كله دون مراجعات وتغييرات لتحقيق ضمان الجودة المنشودة «جودة الحياة» وهذا ما عبر عنه الخطاب الملكي الذي ركز على وعود منجزة والارتفاع بسقف الطموحات لما هو أعلى من ذلك. والكتابة عن مجلس الشورى أشبه بالسير في حقل من الألغام، فالانتقاد هو سيد الموقف وهذا حق لكل مواطن لأن المهمة الأساس للمجلس هي إيصال صوت المواطن لصانع القرار، ولكن على الضفة الأخرى لابد من الفهم أيضاً أن مجلس الشورى هو جهة استشارية لا تملك صلاحية القرار والتنفيذ، من هنا دعونا نبدأ الكتابة عن مجلس الشورى لنحرر بعض المفاهيم المغلوطة ولتصحيح بعض الأفكار عنه حتى يتسنى للمواطن إن أراد الحديث عنه والنقد المشروع أيضاً، ألا يتعثر بين الصلاحيات والمهمات، ولن نتمكن من فهم ذلك إلا بتحليل مضامين خطاب خادم الحرمين الشريفين، التي ركزت على تعزيز العمل الرقابي في مجلس الشورى، كذلك تنشيط التشريع في مجلس الشورى بما يتعلق بتعديل أمر، وما ينتج عن ذلك من متابعة تقارير لأجهزة الحكومة والنظر فيها ومحاولة تعزيز صلاحية تلك الأجهزة، وهذا يؤدي إلى القضاء على الفساد بأشكاله المتعددة، وفي ذلك إشارة واضحة إلى تفعيل الدور الحقيقي لمجلس الشورى وهو«الرقابة» هذه الرقابة هي صلب العمل الحقيقي للبرلمانات. السؤال الذي فكرت به وأنا أستمع لخطاب خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى هو: هل استطاع مجلس الشورى مواكبة العمل السريع الدؤوب منذ إعلان الرؤية، والكم الهائل من التغييرات للأنظمة التشريعية التي سهلت العمل الاقتصادي مثلاً، فعلى سبيل المثال: نظام الجامعات الجديد الذي تم إدخال التعديلات الكثيرة عليه منذ عرضه الأول على المجلس وذهابه في دورة نظامية لعدة جهات، فعاد وعرض على مجلس الشورى أيضاً وهذه دلالة واضحة على الكوكبة التي يضمها المجلس في جميع التخصصات، فاستنارت وزارة التعليم بهذه العقول الاستشارية لتحقيق أعلى المعايير الممكنة لإصدار النظام، وهذه مهمة أخرى من مهمات مجلس الشورى لابد من الوعي بها وهي المهمة الاستشارية. كذلك مجلس الشورى هو الواجهة الدبلوماسية البرلمانية للمملكة العربية السعودية خارجياً، وللمجلس حضوره المعبر والواضح عن وضع السلطة التشريعية في بلادنا، وهذا ما نلاحظه من حركة دؤوبة لرئيس المجلس والأعضاء والعضوات من رحلات خارجية ولقاءات مع البرلمانات الأخرى، وتعزز لجنة الشؤون الخارجية في المجلس هذا الدور الذي نحتاجه وبقوة للرد على مثل تلك الحملات المشبوهة وتأكيد الثقل السياسي لبلادنا، وهذا الدور من الأدوار المهمة للمجلس. أخيراً، أشيد بحديث بعض أعضاء مجلس الشورى وتأكيدهم على الرغبة الدائمة في التطوير، وهذا يعطي دلالة ومعنى قويا بأن الطموح والرغبة في الوصول إلى الإنجاز مطلب دائم. * كاتبة سعودية monaalmaliki@