إذا حاول من يهين إنسانيتك ويلاحقك بسهام نظرات سخريته فلا بد أن تكون صلابة معنوياتك أقوى من ذلك الطيش ليرتد إلى صاحبه كردة فعل قاسية يحترق بها بسبب افتقاده التمييز بين سلامة الوقار وذل الاحتقار وخيبته بانتسابه إلى حضارة ساقطة يحكمها الضعف العقلي. والأفعال الناقصة وخبرها تقرؤها بحسن ظنك في تلك العيون الأفعوانية ولا تعلم بأنها تحاول التستر بثوب الطهر والنقاء ورسم اسم لشخصية لها متاعبها وأوجاعها من تعفن قديم. والترفع عن مجاراة ذلك السلوك لا يكون إلا بوعي نابه واقتدارك على اكتشاف مثل تلك النماذج البشرية من أول وهلة من قبل أن تستهين بقيمتك وقدرك ومكانتك فتفاجأ بفشلها وهوانها. وكثيرا ما يثق الإنسان بمن يعتبره أهلا لمحبته فيسجل في ذاكرته تلك المجهولات في حياته كمن يستيقظ من كابوس ثقيل يضيف به إليها صورا لأشباح قاتمة والاعتراف بأن وحشية وأحقاد بعض الناس مزمنة أو مستعصية، لأن الطبع يغلب التطبع لمن لا يستطيع تغيير غريزته وعدوانيته. وإن من يتغطى بالحياء وصلته بعوامل الخير ونقاء الضمير يستهدفه الشرّ حتى وإن خضع لسيطرات الصمت وإلى أن تدوي في أعماقه صرخة يستيقظ بعدها على حقيقة خساسة حارقة. والحيرة من التمرد على عناصر فاضلة لا تتعامل بالخداع ممن يتكاثرون بالصغائر وبسريرة مختبئة في قلوب متوقدة فتواجه من يمارس تصرفات سيئة تهدد الصفاء الإنساني بإثم الغرور وإثم الرضا به. والسير في الوحل لا يساعد على تبرئة ذلك النوع المغشوش بنوعيته، وأنه البعيد عن الصواب إلا لما يتشابه مع علته وما تحمله أفكاره المتبلدة فلا يرتدع عن غيه حتى وإن استعان بالتنفس الصناعي في محاولة كتابة تاريخ وجاهته على صفحات استهلكها الترمض بنار لا تنطفئ. ومميزات الخير فيض كفاية لا تعترف بنكال الكره والغيظ. والمشغولون عن الفرح لهم تراكيب ليس لها مساحات تسكن إليها إلا لما يشبه بيوت النمل، وهذا مصير أهل النقص وإقامتهم في ليل داكن ليس له انقضاء ولا استضاءة يستدلون بها على مصائب العيب. * كاتب سعودي