استهلك السودانيون نصف عام لتشكيل حكومتهم عقب سقوط البشير، وبدا رئيس الوزراء الجديد سعيدا في المؤتمر الصحفي الذي تلا فيه أسماء وزراء حكومته، مبررا التأخير ب«تمرين ديموقراطي ساخن» خاضه مع حلفائه في قوى التغيير التي قدمت عشرات المرشحين لم يختر منهم حمدوك غير بضعة أسماء بينهم 4 وزيرات سقط منهن سهوا اسم وزيرة الرياضة «ولاء البوشي». وعزا الرئيس السهو إلى ورود اسمها في آخر القائمة، وحظيت «أسماء»، و«انتصار»، و«لينا»، مع «ولاء» بمقاعد سيادية في خطوة وصفها مراقبون بأنها أكبر تشكيلة وزارية ناعمة في بلاد النيلين. مخاض عسير صادف تشكيل حكومة الثورة السودانية بسبب تعدد أمزجة كيانات التحالف الذي عاهد ثوار الشارع بعدم تقديم قياداته لأي موقع، وسريعا تراجع عن تعهداته واختار «مدني عباس» -نجل وزير داخلية سابق- مرشحا في الصناعة، ما أثار غضب الثوار الذين رفعوا مجددا شعار «تسقط بس»، وأشعل ثوار ضاحية بري الإطارات في الشوارع قبل أن يعلن حمدوك اسم «مدني» في القائمة عبر مؤتمر صحفي أدارته لأول مرة مستشارته الإعلامية «داليا الروبي»، وهي الخطوة التي لاقت قبولا في الشارع لعودة «الكنداكة السودانية» إلى المشهد بعد عقود من القهر على يد «الإنقاذ الإخوانية» التي درجت على جلدهن بالسياط بحجة حفظ صيانة الآداب العامة. وتزامن مع الظهور اللافت للمستشارة غضبة حمدوك على أداء التلفزيون وتجاهله للمؤتمر الذي جمعه بوزير الخارجية الألماني، ما يشير إلى أن المدير المحسوب على «الإخوان» سيكون آخر قوى الدولة العميقة المغادرة إلى التقاعد الإجباري.