يخطئ من يظن أن اختلافا في الرؤى بين شقيقين غاليين على أمتنا العربية حول تفسير واقعة أو تصرف ما على جغرافية اليمن الواسعة وكأنه خلاف تتداعى له الجزيرة ومنصات دق الأسافين وحسابات الوهم، فبين المملكة العربية السعودية والإمارات وشائج لن تنفصم عراها أبد الدهر. وشائج وأواصر وروابط دم وتاريخ مشترك صنعه الأجداد، ونسب ومصير مشترك يصوغه بمداد الحب والتضحيات أبناء البررة لا تستطيع أقلام الزيف والتجني أن تنال منه قيد أنملة. لقد امتزجت دماء الشهداء السعوديين والإماراتيين في معارك الشرف والعزة دفاعا عن كرامة الأمة العربية وحماية أمنها القومي من اختراقات ومطامع لم تعد قيد التكهنات وضرب الودع، إنما هي أمست حقائق أمام الناظرين، فعندما وقعت صنعاء العاصمة اليمنية بيد الحوثي الذراع الإيرانية طلع علينا أحد أبواق طهران ليقول بكل استخفاف وفجاجة ها هي العاصمة العربية الرابعة تسقط في يد طهران. هل كان على المملكة والإمارات أن ينتظرا حتى تقع العاصمة العربية الخامسة تحت براثن هيمنة المرشد وولاية الفقيه؟ تحرك الشقيقان بدافع الغيرة على حاضر ومستقبل الأمة واستشعارا بارتفاع مستوى المخاطر المحدقة، فدعوا لتشكيل التحالف العربي لنصرة اليمن وأهلها ولم يذهبا للبحث عن غنيمة أو مطمع إنما كان الشعور القومي هو الباعث والهاجس. تحالف الأخوة والدم والنسب والمحبة المتأصلة في نفوس الشعبين الأبيين لا يمكن لعاصفة من الأقلام المأجورة أن تنفذ إلى عصب هذا التحالف المتماسك والمعبر عن رؤية مشتركة وفهم عميق لمتطلبات المرحلة الراهنة فهو ليس تحالفا تكتيكيا أو مصلحيا كما يرغب البعض بتصويره ؟ فماذا ينقص الإمارات العربية المتحدة لكي تتوغل في وهاد ووديان وجبال اليمن، ثم ما الذي يغري في اليمن من ناحية الجغرافية فموقعها وموضعها يبقى لأبنائها، ولنكن صريحين هل ينقص الإمارات النفط والغاز حتى تذهب تفتش عنه في بلاد اليمن، فقد حباها الله بالخير العميم وهي تبني نموذجا تنمويا مزدهرا صار مضرب المثل في نجاح دولة ناهضة ومستقرة، وكذلك الحال في مملكة العز والحزم والتي تصدر ربع طاقة العالم بما يزيد على 10 ملايين برميل يوميا وأرضها زاخرة بالخيرات ومساحتها تقترب من قارة؟ الإمارات العربية التي تمتلك ثاني أقوى صندوق سيادي استثماري في العالم، هل لديها ترف زائد لتهدر دماء أبنائها الغر الميامين في اليمن غير الإيمان بوحدة المصير وحماية ومنعة الأمة العربية. عينان تبصران في رأس واحد هما السعودية والإمارات من أجل رؤية واحدة وبصيرة موحدة لا اختلاف بينهما أو تنافس أو تنافر ولا قصور في النظر أو انحراف، لكنها الحرب الواسعة في رقعة جغرافية كبيرة كاليمن العزيز وسط سلة من الصراعات والتناحر بين القوى السياسية اليمنية ومع تواجد بؤر الإرهاب في هذا البلد فاتسعت ساحة المواجهة، ومن الطبيعي أن يحدث تقييم ميداني مختلف هنا وهناك أو تباين في تشخيص لواقعة عسكرية أو ربما حدوث خلل في قواعد الاشتباك فذلك لا يعني أن التحالف العربي القوي الأمين على مصالح الأمة قد تعرض لهزة أو خلاف عميق كما يحلو للناعقين والموتورين. نحن نقف أمام إستراتيجية محددة رسمتها الدولتان القويتان وفقا لرؤية استشرافية للمستقبل وحددت ثوابتها بالقضاء على ظاهرة الحوثي وشل ذراع إيران الطامعة ومحاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة اليمن واستقراره ومن بعدها سيترك لأهل اليمن فرصة الحوار والتحاور حول انشغالاتهم وقضاياهم وتقرير مستقبلهم. إن أجيال الأمة تعقد الآمال العريضة على قوة وتماسك هذا التحالف لأنه العمود الفقري للنصر ومجابهة التحديات ولا أخال نفسي ابتعد عن الواقع إذا ما قلت إن عهدا من الولاء والتوحد والتكامل بين بلدين شقيقين هو يتجسد أمام ناظري وهو أبعد من تعاون أو تحالف عسكري هو وحدة القلوب والعقول، فبوجود أبي سلمان وأبي خالد فلا عزاء للمتصيدين في المياه العكرة.. فنهر من الحب يجري بين الشعبين والبلدين يمتد إلى ذرى المجد. عدتك العوادي يا إمارات الخير ويا مملكة الحزم، ولكما العز والفخار والنصر المؤزر. * كاتب سعودي [email protected]