قالت الأم (يا الله في الخير) فقال: بنتك ودها تشوفك. جاني منها اليوم مرسول. صلى معي الصبح في المسيد. سَأَلتْه: ما على أختك من عوادي الوقت شيء؟. أجاب: لا والله إنها بعافية كل عافية، لكن المرسول يقول اشتاقت لك. وأضاف: ذلحيني قومي لملمي حوايجك واطلبي الله. قالت: خلّنا نتفاول. قال: نتفاول في قهوة على طريقنا، سألت: ليش آخذ عفشي وانحن بنسلّم ونعوّد من طريقنا؟ علّق: لا. لا. أختي ودها تقعدين عندها حتى تشبع منك. نشدته: وحرمتك ما بتديّح معنا؟ فأجاب: السيارة ما تسع. وضع أغراض أمه في حوض سيارة مزبرقة وأدار المحرّك. بمجرد تحركهم جمعت زوجته ما تبقى من ملابس عمتها وفراشها ووضعتها في المشبّ وصبّت عليها قاز وولّعت فيها. بقّت النار في ثيابها وتلايست وجهها وحففها وعلّقت بالجريد والعلف. نشف ريق الأم فقالت: يا ولدي خلّنا نفطر، واشرب لي جغمة ماء. توقف بجوار محطة وقود. نزل من الموتر وعاد بعلبة بسكوت قشطة، وحُق عصير، رمى بهما في حثل أمه. وقال بنهرة: تفاولي. كانت الأم تتعامل بعاطفة وحسن ظن وسعة صدر. مدّت له بقطعة بسكوت فردّ: ما اشتيها، قالت: إن كان معك شريط غناوي لخلف بن هذال وإلا أحمد خلف هبه في المسجّل نقطع به الطريق. وصل لمراح رُعاة، وتنشّد عن بيت رحيمه، فدلّه عليه الأجاويد. رحّب الرجّال، وغاب لحظات وعاد برأس خروف مهلّي ومغلّي ومتفدي راس من جاء. قال الفقيه: أنا ماني بقاعد والله ما يحلّ عليّه عندك إلا فنجال قهوة. قال رحيمه: اعقب يا السلوقي إن كان بتفشلني بين قصراي ويقولون ما دسّم شارب خال أولاده. قال: دسّم شارب أمي. أنا بغدي أروح. أعدّ غداه اللي يبيّض الوجه، وقال حياكم الله على شرف عمتي أم زوجتي، وتناول قطعة من السُبلة ووضعها في فم العجوز وفرك شفتها العليا بالدسم وقال الكرامة والحشيمة للكريمة. في طريق عودته دنّق الفقيه ليلتقط شريط العرضة من تحت المقعدة فنكسته السيارة من رأس عقبة في وادي سحيييق. علمي وسلامتكم.