لا إرادياً، أجد نفسي مبتسماً كلما تذكرت تلك النهايات السعيدة لقصص عضل الزواج التي عانت منها الكثير من بنات وطني الغالي، بعد أن تبدد ذلك الظلم بحزمة الإجراءات الصارمة التي اتخذتها وزارة العدل بداية بإنشاء محكمة الأحوال الشخصية، ومروراً بتسهيل تقديم الدعاوى عبر البوابة الإلكترونية لتستفيد منها حتى من وصل بها المنع والتضييق للسجن بغرفتها، وانتهاء بإصدار الأحكام العادلة التي تنقل الولاية للقاضي ليزوج الفتاة، ولو استدعى الأمر مجيئه للمحكمة خارج أوقات الدوام لإتمام عقد النكاح. لكن ملامح وجهي سرعان ما ترتعش ويكسوها الكدر، حين أتذكر قضية خريجات كليات التربية التي مر عليها أكثر من 12 سنة وهي تراوح مكانها، حتى تحولت أحلامهن من حديقة غناء لخرابة موحشة لا زهور ولا أنوار على السور ولا معالم للحياة فيها!؟ لقد عانت خريجة كلية التربية كل هذه السنين من ليلة الشتاء الباردة والطويلة وهي تنتظر بحزن تحقيق حلمها بالاقتران (بمهنة التدريس)، كانت تنظر بحسرة للحياة الجميلة التي تعيشها بقية البنات اللاتي في سنها بعد تخرجهن من الكليات المتوسطة ومعاهد إعداد المعلمات، كانت تتساءل في نفسها بحرقة: هن بأيش زايدات عني حتى يجدن نصيبهن بالتعيين فيما أبقى أنا عانسة عن الوظيفة كل هذه السنين؟! لماذا وضعوا أمام أحلامي كل هذه العراقيل والشروط التعجيزية: نقلت للتعليم العالي، ثم طبق بحقي نظام المفاضلة وقياس وجدارة، ثم إثبات الإقامة، وإلغاء الخبرات والدورات والاعتماد على أقدمية التخرج والمعدل، حتى فاتني قطار الوظيفة؟! لابد من إيجاد حل عادل لقضية خريجات كلية التربية حتى يكتمل عقد قضايا المرأة التي عولجت خلال العامين السابقين، خاصة أن هناك تفهماً من وزير التعليم لمطالبهن لهذا استعد للقائهن، وهناك إيمان بسلامة موقفهن من مجلس الشورى لهذا أصدر توصيته بحل معاناتهن جذرياً، وحتى الصمت المطبق لوزارة الخدمة المدنية يمكننا أن نفسره بقاعدة (السكوت علامة الرضا)، لهذا إن عز تعيينهن، وفي ظل توافر أركان المسؤولية التقصيرية: الخطأ، والضرر، والعلاقة السببية، وبحسبة بسيطة لمتوسط الراتب الذي كانت ستتقاضاه كل خريجة، فإنني أقترح إقرار تسوية ودية بتعويض الواحدة منهن وفقاً لأقدمية التخرج مبلغا مالياً يتراوح ما بين 500 ألف ومليون ريال. ليس من المنطق أن تعالج قضية عضل الزواج تجاه أولياء أمور يقال عنهم طماعون وجهلة، وتفشل بالمقابل كل المحاولات في إنهاء قضية عضل خريجات التربية تجاه من نظنهم رموزاً للعلم والتنوير، بل يفترض أن يكون الحل هنا شافياً وحضارياً، وجابراً لسنوات الضياع. [email protected] تويتر @ajib2013