بعد حلب والغوطة، تتكرّر مأساة الحرب السوريّة في إدلب أمام أنظار أسرة دولية صامتة وعاجزة حيال قتل الأطفال وقصف المستشفيات وتهجير السكان. لم يعد النزاع الذي يهز سورية منذ 2011، يتصدر صحف العالم بعد هزيمة «داعش» في مارس، فعنف الحرب لم يعد يثير التنديد والاستنكار كما في السابق، والمنظمات غير الحكومية فقدت الأمل في استنهاض المجتمع الدولي. وقال محمد زاهد المصري ممثل تحالف المنظمات غير الحكومية السورية «العالم بأسره يشاهد المذبحة الجارية ويلزم الصمت، والأممالمتحدة لم تحرّك ساكنا». ويشن نظام الأسد وحليفه الروسي منذ نهاية أبريل قصفا عنيفا على جنوب إدلب ومحيطها، بالتزامن مع اشتباكات على الأرض بين قوات النظام وفصائل مقاتلة وقتل أكثر من 300 مدني بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما اضطر أكثر من 270 ألف شخص للنزوح وفق أرقام الأممالمتحدة. وطال القصف أكثر من 23 منشأة طبية و35 مدرسة. واكتفى العالم بترديد تغريدة مستنكرة على غرار الرئيس دونالد ترمب الذي كتب الأحد «العالم يراقب هذه المذبحة. ما هو الهدف منها؟ ما الذي ستحصلون عليه منها؟ توقفوا!». فيما كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذر في السابع من مايو بأن «الوضع الإنساني في سورية حرج، وأي خيار عسكري غير مقبول». وتساءل دبلوماسي غربي: «ماذا تعني تغريدة صادرة عن الرئيس؟» منددا ب«الحد الأدنى» الذي يلزمه الغربيون العاجزون عن التأثير على مجرى الأحداث. ورأى مصدر دبلوماسي فرنسي أن «الأمريكيين محرجون، لا ينجحون في الدخول في حوار مع الروس لأن الروس يغلقون الباب». وتؤكد روسيا، الداعم الأكبر لدمشق، أنها تستهدف «إرهابيين» في إدلب، وقد منعت موسكو في مطلع مايو صدور بيان عن مجلس الأمن يدين الحملة العسكرية في إدلب ويحذر من كارثة إنسانية في حال شنت قوات النظام هجوما واسع النطاق. فيما سعى ماكرون لإقامة حوار مع موسكو من خلال مجموعة اتصال تضم ست دول، من غير أن ينجح في جهوده. ورأى ميشال دوكلو السفير الفرنسي السابق في سورية والمستشار الخاص لدى معهد «مونتينه» للدراسات أن الأسرة الدولية تعاني منذ وقت طويل من «إحساس بالعجز» و«في هذه الحالة، يفضّل الواحد تحويل نظره في اتجاه آخر». ولفت دوكلو مؤلّف كتاب بعنوان «الليل السوري الطويل» إلى «تراجع أيضا في حدة الاستنكار من حلب (2016) إلى الغوطة (ريف دمشق، 2018) ثم إدلب» متسائلا إن لم نكن في نهاية المطاف «نعتاد المآسي الإنسانية» بين سورية واليمن.