قبل أسابيع من الموعد المقرر لمؤتمر «الحوار الوطني السوري» الذي تسعى روسيا، ومعها إيران وتركيا، إلى عقده، تشهد مناطق خفض التوتر التي توصلت إليها الدول الثلاث خلال محادثات آستانة في أيار (مايو) الماضي، تصعيداً عسكرياً مستمراً منذ أيام، خصوصاً في الغوطة الشرقيةلدمشق والتي شهدت مجزرة بغارات يعتقد انها روسية، وفي محافظة إدلب، ما يهدد اتفاق خفض التوتر في هذه المناطق، وينذر بعدم نضوج الأجواء الدولية لعقد المؤتمر. وزاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضبابية الموقف الغربي إزاء مسعى الدول الثلاث، عندما وجّه انتقادات إلى «قوى تعتبر أن بإمكانها حل الأزمة السورية وحدها». وقال خلال تقديمه التهنئة لأعضاء السلك الديبلوماسي في باريس: «علينا أن نضع حداً لتنازلات تُقدّم إلى قوى تعتقد أن، باعترافها بقسمٍ من معارضة عُيِّنَت في الخارج، تستطيع أن تجد تسوية للوضع في سورية في شكل ثابت ودائم». وشهدت الغوطة الشرقية مجزرةً أدت إلى مقتل 29 مدنياً على الأقل، معظمهم نتيجة غارات يُعتقد أنها روسية على بلدة مسرابا ليل الأربعاء - الخميس، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فيما قتل آخرون بغارات للنظام على عربين وبيت سوى (للمزيد). وبعد استقدامها تعزيزات إلى أطراف الغوطة الشرقية، خاضت القوات النظامية معارك عنيفة أمس ضد فصائل المعارضة التي تمكنت قبل أيام من حصار إدارة المركبات العسكرية، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة للنظام في الغوطة وتضمّ حوالى 250 عنصراً وضابطاً. واستقدمت قوات النظام «مقاتلين من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة لمساندة هجومها»، فيما أشارت مصادر قريبة من دمشق إلى أن «الجيش حشد قواته على مشارف حرستا، وبدأ بالعمل على إبعاد الإرهابيين عن إدارة المركبات». ونفى القيادي البارز في فصيل «جيش الإسلام» محمد علوش، في تصريحات إلى وكالة «فرانس برس»، أن يكون تصعيد القصف مرتبطاً بهجمات للفصائل على مواقع النظام، موضحاً أن الأخير «يحشد قواته منذ أكثر من شهر للاعتداء على الغوطة». بموازاة ذلك، يستعدّ «الجيش الوطني السوري» الذي شكلته فصائل المعارضة السورية أخيراً في شمال حلب، إلى المشاركة في المعارك العنيفة الدائرة في ريفي حماة وإدلب، في مسعى لوقف تقدم القوات النظامية التي وسّعت أمس نطاق سيطرتها في ريفَي المحافظتين، فيما استمر سقوط مزيد من الضحايا نتيجة الغارات الكثيفة التي تشنها المقاتلات الروسية والسورية على المنطقة. وأفاد الدفاع المدني السوري بأن القصف الذي نفذته طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام السوري، أسفر عن سقوط 5 قتلى و8 جرحى، ليرتفع إلى 65 قتيلاً عدد ضحايا القصف الروسي والسوري على إدلب خلال الأسبوعين الماضيين. في غضون ذلك، أقرّت وزارة الدفاع الروسية بمقتل جندييْن بهجوم نفذته فصائل مسلحة في سورية ليلة رأس السنة على قاعدة حميميم العسكرية الروسية في مدينة اللاذقية، لتمثّل ليلة رأس السنة إحدى أكثر الأيام دمويةً للجيش الروسي في سورية، بعدما أعلنت موسكو الأربعاء أن طيارَين قُتلا إثر سقوط مروحيتهما شمال غربي سورية. وبذلك، ترتفع إلى 44 قتيلاً حصيلة الخسائر المعلنة رسمياً في صفوف الجيش الروسي منذ مشاركة روسيا عسكرياً في الأزمة السورية في أيلول (سبتمبر) 2015. وأفادت مصادر قناة «العربية» بأن إيران سحبت قسماً من عناصر «الحرس الثوري» المنتشرين في سورية، وأعادته إلى البلاد للمشاركة في قمع الاحتجاجات. وأكدت أن «الحرس الثوري» طلب من السفارة الإيرانية في دمشق ترتيب عودة فورية للقوات التي لم يعد لوجودها ضرورة في سورية. وفي باريس، أعلن الناطق باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو أن «الإرهابيات الفرنسيات اللواتي يعتقلهّن الأكراد السوريون، سيحاكَمن هناك إذا كانت المؤسسات القضائية قادرة على ضمان محاكمة عادلة لهن مع احترام حقوق الدفاع». وكان الأكراد أعلنوا توقيف إرهابيتيْن، إحداهما إميلي كونيغ التي نشطت في الدعاية والتجنيد لمصلحة «داعش».