تلفّت (مسعود) إلى اليمين ثم إلى اليسار، ثم درج وهو قاعد ومد يده على الشنطة الحديد، وضع المفتاح في القفل، وقبل أن يُخرج ما في جيبه، طبّت عليه «مقطوعة العفا» كما يطلق عليها، ولزمت كفه، وسألته «وش قاعد تعبا»؟ انتغز وردّ عليها «حاح بعقلك إن كان معك عقل». افتك يده ووضع المبلغ في الشنطة وأعاد القفل، بغى يقوم، فدرّكته مكانه، وأقسمت ما يتحرك حتى يعطيها العلم عن الدراهم، وقالت اعلمني يا شقفان وشبك كل ثلاثة أيام تعوّد تتسحب وتتدسدس عنّي؟، فأخبرها أن ثلاثة من الجماعة خطبوا (فضيلة) لأولادهم، وكل واحد منهم هبا له مقدم مهر. فكّت شرشفها من فوق رأسها، ولفّته حول عنقه، فبدأ يصيح اعقبي خنقتيني، بغت تخرج عيونه من رأسه، فأهملت الشرشف، وسألته منين تسمع؟ فأشار بأصبعه إلى أذنه: وقالت: (فضيلة) بعطيها ولد أختي خلّ عنك ولد الدبّاغ وولد مفرّي الجلود وولد فحذان، بنتي ما هي عايبة ولا شايبة حتى ترخصها الله يرخصك، سألها وش أسوي بفلوس الناس؟ فقالت: أعطها العريفة يردها عليهم لا رحمك الله لا أنت ولا هم. تغرزت بشلخة كادي وخوطين ريحان ودخلت على العريفة وهو يتشمس فوق الجناح، ممدد كراعينه للشرق، رحّب بها بأعلى صوت وهي طالعة من الدرجة، وقبل ما تقعد سألته عن «أم أحمد» فأجابها سرحت تستقي ذلحين تجيك، أعطته علم زوجها وأخذ دراهم في البنت من ثلاثة عرسان، وأبدت له أنها لن تزوج بنتها إلا لولد أختها الموظف في أرامكو، استقعد العريفة، وقال «حياك الله يا بنت الأجواد وحي علمك، وأبشري بسعدك». قام ليعد لها القهوة، فحلفت ما تسويها إلا هي، وأنزلت الريحان والكادي من جنب صفحها، ووضعته في جيب العريفة وهو يردد «طاب فالك.. طاب فالك». جاءته بالدلّة المهيّلة، وصبّت فأقسم أن أول فنجال من نصيبها، وإذا بزوجته طالعة بقربتها فزفر وأنشد «يقول جمعان أنا واهل الزمان اعتقبنا، أضيق لا ريت لي في الدرب زين مع شين، أعوّد أقول خلو الدّخ يدوّر لمثله، بعض العرب ما أبغي أسمع علمهم والتصداف، لو كان حتى جنوب ثيابهم دوسرية». للحديث بقية.. وسلامتكم.