قامت سياسة السعودية دائما وأبدا على العدل والحق ونصرة المظلوم، ووحد مؤسس المملكة قلوب أطياف شعبها كافة، قبل أراضيها التي كانت شتى يضرب الجهل وقطع الطريق وكل أنماط العداوات في أرجائها، وأرسى قواعد السياسة الخارجية لتكون مصلحة شعبه والحفاظ على أمن الوطن خطا أحمر، لا يمكن لأحد أن يفكر بتخطيه، كما أن المملكة لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية، وسار على هذا النهج أبناؤه البررة من بعده، مع نصرة كل دولة تبدو مضطهدة، أو لم تنل حقوقها ومساعدتها معنويا وماليا لبلوغ حقوقها وأهدافها العادلة، وطبعا كانت القضية الفلسطينية وحقوق شعبها هي من أولى الأوليات، وما صدر عن المملكة في العلن من دعم لهذه القضية، ربما لا يكاد يكون شيئا لما تقوم به من جهاد وجهد مضنٍ لقيام الدولة الفلسطينية، رغم زخات العقوق التي لم تسلم منها مملكة الخير من بعض الفصائل والساسة. نددت المملكة وبكل حزم باعتراف الرئيس ترمب بأن الجولان أرض إسرائيلية، رغم العلاقة القوية مع فخامته والمصالح المشتركة والمصيرية مع قادة وشعب الولاياتالمتحدة الصديق، ولم تكن هذه المرة هي الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد اتخذت المملكة خطوات معنوية ومالية تعويضا عما اتخذ من إجراءات مجحفة وظالمة بحق الشعب الفلسطيني، إنها تعسفات متتالية ذبحت الحقوق الفلسطينية، وحاصرت شعبها إن كان معنويا أو ماديا أو سياسيا، وعلى قول أهل العراق الطيبين «ايش نقول وايش نحشي البامية انقلبت محشي»، ثم تم تتويج تلك القرارات بالاعتراف بالجولان المحتلة بأنها أرض إسرائيلية، كهدية ما من ورائها جزية، فهي بسيطة في حق القلنسوة السوداء والعيون الزرق. وطبعا وقبل هذا كله فدا النجمة السداسية واللوبي الصهيوني ايباك، وايش بقى ما ظهر وإلى أي حد سيبلغ الوله بإسرائيل وقادتها الذين اغتصبوا فلسطين من أكثر من 70 عاما، وهم يعيشون في نعيم، وقد قضموا الأراضي الفلسطينية، ليس كأكل البرشومي، كما يقول مشجعو نادي الاتحاد حبة حبة، بل حبوب واجد، وخلوا القشر للفلسطينيين ليغص في حلوقهم، وهم الذين ومع الأسف ومن مبطي مختلفين لم يتوحدوا أبدا، وتوجت هذه الجهود الاختلافية منظمة حماس التي لا يظهر حماسها، إلا في ما يفرق الصف الفلسطيني، سبق قلت في مقال لا تتعبوا يا مناديب المصالحة في الأمة العربية هم ما بدهن يصطلحوا يا عمي، فبعض الفصائل الفلسطينية نموذج سارت عليه فصائل وفرق أخرى مرورا بالعراق وليبيا واليمن والسودان، فصائل لا تريد إلا السلطة. تبدأ باسم الحرية والديمقراطية للشعب وتنتهي بدكتاتورية، موديل امسك لي واقطع لك، وأنا ومن خلفي الطوفان، والشعب يكفيه أنهم وهبوا له برلمانا لا يهش ولا ينش، ولا يقول كش. فخامة الرئيس: لن ننكر موقفك القوي ضد سياسة إيران العدوانية مع أن مصلحة أمريكا هي The first، ونحيي موقفك العادل والصحيح في قضية خاشقجي وهو موقف انسجم مع الحقيقة ولم يجافِها، وكذا استمرار دعم التحالف الذي تقوده المملكة ضد المتمردين الحوثيين وهي مصلحة بين الطرفين ونصرة للشرعية، لكن السؤال هل كل ما يلمع ذهبا هو من أملاك إسرائيل، إن يدي على قلبي من صفقة القرن التي يبدو أنها في النهاية ليست قرنا من الزمن، بل قرن ثور لا هم له إلا نطح الضحية.