دقت بعض المنظمات والجمعيات الدولية ناقوس الخطر بعد أن أصبح 26 مليارديراً يملكون نصف ما يملكه النصف الثاني من البشرية، داعية إلى وضع حد لاحتكار الثروات، وتحقيق معايير جديدة للعدالة الاجتماعية. وتشير «بيانميا» المديرة التنفيذية لمنظمة «أوكسفام» إلى أن زيادة الهوة بين الأثرياء والفقراء أصبحت ترتفع بوتيرة متسارعة، وأنها تنعكس على جهود مكافحة الفقر وتؤدي إلى تأجيج النقمة الاجتماعية، إذا علمنا أن ميزانية الصحة في إثيوبيا والتي يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة لا تزيد على 1% من ثروة «جيف بيزوس» التي تبلغ 112 مليار دولار! وبحسب مجلة «فوربس» ومصرف «كريدي سويس» فإن ثروة كبار الأغنياء في العالم زادت في العام الماضي بمقدار 900 مليار دولار، أي بمعدل 2.5 مليار دولار (!) يومياً، فيما تراجعت بالمقابل حصة النصف الثاني من البشرية بمقدار 11%! منظمة «أتاك» المناهضة للعولمة ذهبت أبعد من ذلك عندما اتهمت الأثرياء والشركات الكبرى بعدم دفع ما يكفي من الضرائب وفقا لمعدلات أرباحها، وبما يفضي الى إيقاف وتيرة الفجوة المتصاعدة بين الأغنياء والفقراء، وهو ما أكد عليه تقرير «أوكسفام» السنوي الذي أشار إلى أن دفع 1% فقط من 0.5% من سكان العالم (الأغنياء) كضريبة اجتماعية على الثروة كفيلة بتعليم 262 مليون طفل يحرمون اليوم من الدراسة بسبب نقص الإمكانيات المادية في دولهم. العالم يتغير، هذه حقيقة لا تقبل الجدل، فلم تعد الرأسمالية بكل إفرازاتها ومخرجاتها خيارا لا يقبل الجدل لدى الشعوب الغربية التي جعلت منها الوجه الآخر للديمقراطية، لدرجة اقتربت من التقديس السياسي والاقتصادي، بعد أن تململت هذه المجتمعات والشعوب، وارتفعت عقيرة المنظمات والأحزاب الوطنية مطالبة بإيجاد معايير جديدة للعدالة الاجتماعية، وما حركة أصحاب السترات الصفراء التي ولدت من رحم النظام الاجتماعي لواحدة من أعتى الدول الرأسمالية والتي تنادي حاليا بإصلاحات اقتصادية عميقة في النظام الاجتماعي الفرنسي، سوى واحدة من ملامح وإرهاصات هذا التغيير، العودة من نقطة النهاية.