•ذكرت في نهاية الجزء السابق من هذا المقال: «أن تدشين دوري المدارس، الذي تم مؤخراً، ما هو إلا جزء غير مكتمل لأحد أهم المحاور التي تضمنتها التوصيات المتعثرة منذ قرابة عشرين عاماً»، وهذه حقيقة، فهذا المحور سبق الإعلان عنه وفق آليته «الكاملة»، ضمن تلك التوصيات الدقيقة والشاملة، التي خرجت بها تلك اللجنة النوعية في أولى الانتفاضات وأضخمها وأجودها وأجداها، لو لم تصب في أهم مراحلها بالوأد، ومن حينها ظل هذا الوأد هو المصير الذي يلازم هذه المرحلة «الأهم» على مستوى كافة المراحل التي تمر بها كل انتفاضاتنا المدوية، التي تأتي في أعقاب انتكاسات منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم، وتختتم بتوصيات موؤودة التطبيق! ••وليس هناك ما هو أعجب وأمر وأضر من القبول والسكوت على هذا الهدر المهول للسنين والمال والجهد، على انتفاضات تنتهي توصياتها المتكررة بعدم التطبيق، إلا هذا «الإصرار السلبي» على تكرار إطلاق دوري المدارس مفتقر لركائزه الأساسية التي بني عليها هذا المشروع منذ إطلاقه كأحد أهم المشاريع التي تضمنتها تلك التوصيات التي أقرتها تلك اللجنة العملاقة في أعقاب نكسة المنتخب في مونديال 2002. ••ومن عنوان ذلك المشروع الخاص بهذا المحور الذي أطلق منذ ذلك التاريخ، يتضح لك ماهية الركائز الهامة والجوهرية التي لا زال القفز عليها يتواصل، مع الهرولة المتكررة لإطلاق دوري المدارس، دون استيفاء تلك الركائز التي نصت عليها التوصية الخاصة بهذا «المشروع الرياضي التعليمي الضخم». ••هذا المشروع الضخم جاء عنوانه منذ الإعلان عنه ضمن توصيات 2002، على النحو التالي: «مشروع التنسيق المشترك بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب.. ممثلة في الاتحاد السعودي لكرة القدم، ووزارة التربية والتعليم- للنهوض بالرياضة المدرسية واستثمار مخرجاتها من الموهوبين في هذه اللعبة». ••وظل هذا المشروع، في كافة التوصيات المتكررة والمتعثرة، يعلن بنفس هذه التراثية الثاقبة «النهوض بالرياضة المدرسية- ومن ثم- استثمار مخرجاتها في لعبة كرة القدم»، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستثمار في مخرجات الرياضة المدرسية، ما لم يتم النهوض بكافة مفاصل الرياضة المدرسية وخصوصا ملاعبها وتجهيزاتها وأدواتها ومعلميها وبرامجها النظرية والميدانية ومضاعفة حصتها الدراسية.. إلخ، هذا فقط على مستوى مدارس التعليم العام التي يتوفر بها من الساحات والمساحات ما يسمح باستيفاء هذه المقومات والركائز من جهة، والعمل على تطويرها وتجويدها من جهة أخرى. ••صدق أو لا تصدق بأنها ليس المرة الأولى التي أكتب فيها ومن خلال هذه الزاوية، عن بعض عوار وإفلاس الرياضة المدرسية، بل ظل هذا النزف الغيور ملازماً لكل مرة يتم فيها التلويح بهذا المشروع «النهوض بالرياضة المدرسية» من قرابة عشرين عاماً، وتفاعلي الغيور ليس مجرد كلام على عواهنه، بل يتكئ على المعايشة عن كثب لواقع الرياضة المدرسية من خلال قيادتي لعدد من المدارس بمختلف المراحل في تعليم جدة طوال شرف الخدمة في التعليم التي امتدت ل36 عاماً قبل التقاعد المبكر مؤخراً، وقد كان لي شرف المشاركة في بعض اللجان في باكورة الإعلان عن هذا المشروع، ولا أنسى آنذاك ما قاله أحد رموز الاتحاد السعودي للتربية البدنية الدكتور عبدالله المعيلي (رحمه الله): «إن الرياضة المدرسية تعيش فشلاً وليس قصوراً فقط»، ولا زال للمقال بقية، والله من وراء القصد. تأمل: محاولات التغلب على الإخفاق ومواصلة القفز على أسبابه هدر ومغالطة.