طالبت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من وزارة التربية والتعليم «سرعة إيجاد مبانٍ بديلة للمدارس غير الصالحة للعملية التعليمية، وضرورة الاهتمام بالصيانة ومعالجة المشروعات المتعثرة». لا تتوفر لدي معلومات دقيقة عن حجم الإنفاق السنوي على صيانة المباني المدرسية، وإن كنت أعتقد أن بند الصيانة يمكن استغلاله في بناء عشرات المباني البديلة، عوضًا عن مشروعات الصيانة المُكلفة ماليا، والمحدودة المنفعة، وهذا لا يعني وقف أعمال الصيانة، بل تدقيق مصاريفها، و ترشيدها والمفاضلة بينها وبين البناء وفق الحاجة, المنفعة, والتكلفة. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مسؤولة عن تدقيق مشروعات الصيانة المتضخمة ومقارنتها بالمخرجات، فغالبية المدارس تشتكي سوء الحال، برغم إنهاء أعمال الصيانة فيها، ما يجعلنا نتساءل عن نوعية الصيانة التي تتحدث عنها الوزارة، وهل هي صيانة تأهيلية، أم صيانة شكلية تجميلية؟. أضرب مثلا بدورات المياه، مُعضلة المباني الدراسية، فعلى الرغم من مشروعات الصيانة المتكررة لها، إلا أنها تبقى رديئة الحال، ومصدر تذمر كبير بين الطلاب والطالبات، أما صيانة أجهزة التكييف، أو إستبدالها، فهي أشبه ما تكون بالعملية الدفترية التي لا تُرى على أرض الواقع في عدد من مدارس القرى والمدن النائية برغم تأكيدات إدارات التعليم «بإجراء الصيانة الدورية وتزويد المدارس بإحتياجاتها من أجهزة التكييف»!. الأمر نفسه ينطبق على برادات مياه الشرب، وشبكات المياه النقية، والصرف، ونظافة المدارس، وصيانة هيكلها الخارجي، وتزويدها بإحتياجاتها المكتبية، كل تلك الأمور في حاجة إلى مراجعة دقيقة لمعرفة حجم الإنجاز مقارنة بالإنفاق العام. مطالبة «نزاهة» اشتملت على ثلاثة ركائز أساسية، المباني البديلة للمدارس غير الصالحة للعملية التعليمية، والاهتمام بالصيانة، والمشروعات المتعثرة، ويمكنني إضافة زمن الصيانة الطويل، وتوقيتها الذي يتزامن دائما مع موسم الدراسة. أعتقد أن الوزارة ستعاني كثيرا بسبب المباني الحديثة التي يمكن أن تصنف ضمن «المباني غير الصالحة للعملية التعليمية» إما بسبب التصميم غير المتوافق مع احتياجات العملية التعليمية وقدرات الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات، أو لأسباب مرتبطة بتدني جودة التنفيذ، وهي مشكلات يمكن مشاهدتها في بعض المدارس المسلمة حديثا للوزارة. أما الصيانة ففيها من مخالفات التنفيذ، والهدر المالي الكثير، إلا أن ضعف الرقابة، والإشراف الإداري يقذف بها إلى عالم النسيان. المشروعات المتعثرة يمكن معالجتها بسهولة من خلال سحبها من الشركات المنفذة التي لم توفِ بالتزاماتها للوزارة، وإعادة طرحها لشركات عالمية قادرة على تحقيق الجودة، واختصار مدة التنفيذ. أشفق على وزارة التربية والتعليم، فقد حُمِّلَت فوق ما تُطيق، أُنيطت بها مسؤوليات بعيدة كل البعد عن مسؤولياتها التعليمية، وهي مسؤولية البناء، والإشراف، والصيانة، ما جعلها تُكرس الجزء الأكبر من وقتها لأمور لا علاقة لها بالتعليم، ومن هنا أعتقد أن الحل الأمثل لمشكلات المباني المدرسية هو فصل مشروعاتها عن وزارة التربية والتعليم، وتحويلها إلى جهة مستقلة قادرة على تحقيق كفاءة المخرجات. فصل مسؤولية المباني المدرسية عن الوزارة سيتيح لها الوقت الكافي للتركيز على تطوير التعليم، ورفع كفاءته، والإاهتمام بالعملية التعليمية، إضافة إلى ضمان حصولها على المباني المدرسية النموذجية المتوافقة مع احتياجات العملية التعليمية الحديثة. [email protected]