المملكة العربية السعودية تحمل الكثير من الثراث والثقافة، ومن الجميل في بلادنا أن المنطقة الواحدة تزخر بالتنوع الثقافي والتراثي، وهذا الإرث مفخرة لنا جميعاً، إذ تحكي لنا كيف كنا وإلى أين وصلنا، بفضل الله أولاً ثم بسواعد الآباء والأجداد الذين بنوا هذه الدولة العظيمة حتى جاء مؤسسها الملك عبدالعزيز وجمع هذا الإرث ووحده لينتج عنه دولة تعتز بماضيها وتسابق العالم في حاضرها. ومهرجان الجنادرية من أروع المهرجانات السعودية التي اختصرت للزائر والسائح الأجنبي رؤية تراث مناطق المملكة في مكان واحد، وأسهمت في تقارب المناطق وجعلهم يكتشفون تراث بعضهم وبأدق التفاصيل. ولأن سنة الحياة دأبت على التغيير فإن لكل شيء جميل عمراً يزهو به ولا يسقي هذا الصرح الشامخ إلا إعادة نظر فيه وتقييمه ليتسنى لوطني إعادة إخراج مهرجان الجنادرية بشكل يتوازى ويتوأم مع أهداف المملكة السياحية ورؤية المملكة 2030، ولأن عنصر التطوير والإبداع أصبح ثقافة لدى الشعب السعودي فإنه يطرح أفكاره دائماً حباً لوطنه وطموحاً منه في تحقيق أهداف بلاده. وفي الواقع أن مهرجان الجنادرية في الآونة الأخيرة أصبح ينسلخ من تراثه وثقافته، وأصبح هذا الشعار يجد مزاحمة على أرض الواقع من قبل الهيئات والوزارات التي أخذت النصيب الأكبر من مهرجان الجنادرية، وأبدي إعجابي الشديد بما رأيت من إنجازات وخدمات من قبلهم، ولكن من باب لكل مقام مقال فإن وجودها ليس مناسباً لطبيعة الحدث بل سحبت الأضواء من تراث وثقافة المناطق. وهذه الملاحظة بنت لي فكرة أخرى بأن يتم عمل مهرجان سنوي خاص للهيئات والوزارات وبشكل سنوي ويأخذ الطابع الخاص بهذه المناسبة اسماً ومضموناً وسيجد تفاعلاً كبيراً جداً من المواطنين، الذين سيزورون هذا المهرجان الحكومي وسيفتح آفاقاً أكبر للمستقبل، ولعل تأسيس هيئة المعارض والمؤتمرات وضع سبباً لمثل هذه الأفكار التي ستدر عوائد مادية وستوفر وظائف دائمة وموسمية وسيكون حدثاً بارزاً في المنطقة. وبالعودة إلى مهرجان الجنادرية فإن هذا الصرح الشامخ بيئة خصبة للإبداع وبإمكاننا نقل هذا المهرجان إلى شكل أكثر جذباً ويكون محط أنظار سياح العالم، فالجنادرية تحتاج إلى بوابات عالمية بشكل حديث كالقرية العالمية، وتحتاج إلى توفير باصات سياحية مكشوفة، كما تحتاج إلى مسار خاص للمواصلات الصغيرة كعربات الغولف أو الدراجات وخلافها، وتحتاج إلى ضخ أكبر من التراث والثقافة ومن جميع مناطق المملكة، كما أنها بحاجة إلى تكثيف إعلامي إقليمي وعالمي. وهناك كثير من الأفكار التي ستجدها تنقل مهرجان الجنادرية إلى مصاف أعظم مهرجانات العالم في تصنيف المهرجانات الثقافية، وأعتقد إن نقل هذا المهرجان إلى هيئة الترفيه أو إلى هيئة عليا تعنى بالتراث والثقافة سيساهم في رفع مستوى المهرجان وجعله حدثاً عالمياً في خارطة الثقافة العالمية.