أمانة القصيم تطلق 60 فعالية في 38 موقعًا احتفاءً بيوم التأسيس    تدشين مهرجان البن الثاني برجال ألمع    رئيس مجلس الشورى يستقبل رئيس مجلس النواب الأردني    الاتفاق يتغلّب على النصر بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في الرياض لترويجهما مواد مخدرة    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر بمنطقة القصيم يلتقي بمكتبه مدير الدفاع المدني    دورة لمنسوبي نادي جمعية الكشافة للحصول على شارة "هواية الصحفي"    هذا اليوم فخر واعتزاز لكل مواطن بجذور وامتداد وطنه    عبدالمجيد عبدالله يطمئن جمهوره: «أنا بأتم صحة وعافية»    أمل عسير تدرب 20 موظفاً وموظفة على لغة الإشارة    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    "مدير تعليم الطائف" يوم التأسيس رحلة عطاء حافلة بالإنجاز منذ ثلاثة قرون    «قمة الأولوية».. إنشاء أول مكتب لوزارة الاستثمار في أمريكا    حرس الحدود بمكة: إنقاذ مواطن تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    مستشار الأمن القومي الأميركي: زيلينسكي سيوقع اتفاق المعادن قريباً    شرطة الرياض: القبض على يمنيين لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    "اكسبوجر 2025" يعرض قصص ملهمة على شاشته السينمائية    بعد فوزه برالي داكار.. «تويودا»: يزيد الراجحي.. أنت بطلي    سلوت يعترف بصعوبة مهمة ليفربول أمام باريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا    مكاسب الذهب للأسبوع الثامن.. الأوقية عند 2,927 دولاراً    جوارديولا يرفض المقارنة بين صلاح ومرموش    هيئة الصحفيين السعوديين تحتفي بهويتها الجديدة في أمسية إعلامية مميزة    المملكة تهدي الأمم المتحدة لوحة فنية بمناسبة «يوم اللغة الأم»    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز    بدعم قوة الطلب.. النفط صوب 77 دولاراً    وكيل إمارة الشرقية: يوم التأسيس مناسبة وطنية نستذكر فيها مراحل بناء وتطور وطننا الغالي    الأمير فيصل بن سلطان: يوم التأسيس ذكرى وطنية راسخة تعزز مكانة المملكة ودورها الريادي في العمل الخيري والسلم العالمي    خطيب المسجد الحرام: العافية أجمل لباس، وهي لذة الحياة والناس وبغية الأحياء والأموات    رئيس «القيادة اليمني» يُهنئ خادم الحرمين وولي العهد بذكرى يوم التأسيس    تشكيل الأهلي المتوقع أمام ضمك    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    حماس: أشلاء الأسيرة الإسرائيلية اختلطت بين الأنقاض    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    خادم الحرمين يتلقى تهنئة القيادة القطرية بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    ارتفاع حجم تجارة التجزئة في بريطانيا إلى أعلى معدلاتها    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء حكومات مجموعة الكاريبية (كاريكوم)    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    حضر بلا داعي وقعد بدون فراش    درس في العقلانية الواقعية    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    آباء يتساءلون عبر «عكاظ»: لماذا غاب التدرّج في الاختبارات المركزية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنادرية: محاولة لبناء الهوية الوطنية
نشر في الرياض يوم 20 - 03 - 2010

ربع قرن مرت على الجنادرية، المهرجان الوطني للتراث والثقافة، والحقيقة أن هذا المهرجان يقتحم قضايا أساسية تتقاطع مع تشكيل الهوية الوطنية التي هي مسألة أساسية في تكون الشعوب وضمان استقرارها، إنه يغوص في المكون الثقافي في بلاد شاسعة مثل المملكة العربية السعودية ويحاول أن يرسم خارطة ثقافية ذات مضمون جغرافي، فقد ظل خلال السنوات الماضية في رحلة اكتشاف لهذا الجانب الثقافي العميق الذي يصنع شخصية هذه البلاد بتنوعها وثرائها وعمقها التراثي الذي مازال بحاجة للكثير من الاكتشاف. مكون الهوية الوطنية لا يمكن اختصاره في صورة واحدة كما تقرر ذلك الجنادرية، فمصادر قوة هذا المكون تنوعه الشديد الذي ينصهر في إطار الوحدة الوطنية. مازلت أقول إن الرحلة طويلة لنصل لمرحلة الرضى عن أنفسنا في هذا الجانب لأن من يزور الجنادرية ويرى هذا التنوع الثري الذي يميز بلادنا على كافة المستويات يتيقن أننا أمام ثروة ثقافية هائلة تحتاج أن نجمع شتاتها ونوظفها من أجل بناء هويتنا الوطنية التي تجعلنا نعيد إنتاج أنفسنا بمعطيات عصرنا وحسب نهج التنوع الذي يميزنا وضمن رؤية وطنية تسعى لبناء وطن متميز وقادر على التنافس. أقولها بصراحة إن مهرجان الجنادرية طرح مسألة الهوية في وقت مبكر، وبصور متعددة قرب فيها الكثير من التفاصيل المتباعدة داخل ثقافتنا الواحدة جعلتنا نرى التنوع داخل إطار الوحدة. من يزور الجنادرية هذه الأيام لابد أن يسأل نفسه عن هذا التنوع الثري الذي تتميز به مناطق المملكة ولابد أن يسأل نفسه عما يجمع كل هذه التفاصيل التي تتميز بها المحليات في بلادنا وكيف يمكن أن تصنع كل هذه الصور المتباينة هوية موحدة هي هوية المملكة العربية السعودية ؟ سؤال التراث وأسئلة الثقافة التي تدفع بها الجنادرية مرة واحدة في أيام قلائل لا تساهم في بناء صورة زاهية عن المملكة فقط بل تثير العديد من الأسئلة المعرفية حول كنه هويتنا الثقافية التي يجب أن نجسدها عبر أعمال إبداعية وفنية وعلمية تحكي هذا التنوع وتدافع عنه.
ما يميز مهرجان الجنادرية هو اهتمامه بالثقافة المادية وغير المادية وتركيزه على التراث الشفاهي وإحتواؤه للجوانب الفكرية من خلال ندواته وحواراته التي تجعل من المملكة مركزا معرفيا يربطها بالمحيط العالمي لكنه في نفس الوقت يحرر الداخل من الانغلاق الذي يحاول البعض أن يعزل نفسه داخله، فطالما شعرت بأن المهرجان هو رسالة ضد التقوقع والارتداد داخل الذات، فإذا المهرجان كان يعزز من تنوع ثقافتنا الداخلية ويحتفل بتراثنا المحلي بثرائه إلا أنه كذلك يحاول أن يقول إن هذا التراث لم يتنوع إلا لكون الاختلاف هو جزء من التراث الانساني الذي يجب أن نعززه في ثقافتنا ونسعى كي يكون نبراس حياة، فالاختلاف سر الحياة ومصدر ثرائها بل ومتعتها كذلك. التنوع هو سر الانسان العظيم، وهذا ينطبق على حوارنا مع الاطياف المختلفة داخل مجتمعنا وحوارنا مع الآخر الخارجي. الجنادرية تستعيد كل هذه المسائل الشائكة التي يجب أن نعززها بين أبنائنا وبناتنا كي نصنع جيلاً يعتز بهذا الإرث الذي يعتز به هذا المهرجان ويحتفل به.
لقد أثارت اهتمامي كلمة فرنسا (ضيفة المهرجان)، فالاهتمام بالتراث المحلي يتجاوز مجرد المحافظة عليه فهو يسلط الضوء عليه ويجلب المهتمين على مستوى العالم لدراسته ويتحدى العولمة التي يريد من يروجون لها أن تطمس هويات شعوب العالم وتوحدهم في "زي ثقافي" باهت وبارد لا يحمل معنى، الاختلاف والتنوع يعنيان المحافظة على الهوية الوطنية والوقوف بجانب التراث هو وقوف مع مكون هويتنا اليوم والمستقبل. هذه التظاهرة السنوية يجب أن تتجاوز مفهوم الاحتفال كي تتحول إلى مجال لبناء الوعي العام والمجتمعي لمفهوم "المكون الثقافي" للهوية ومحاولة تبنيه تعليميا، فهذه التظاهرة فرصة للتعلم والتعرف والاحتكاك، فمن المهم أن نعرف من نحن وهو ما يقدمه لنا هذا المهرجان ومن المهم أن نقارن بين ما نملك وما تحتويه ثقافتنا مقارنة بالآخرين وهو يجسده الحوار المعرفي الذي تكتظ به أيام الجنادرية.
إنها فرصة فعلا للتوقف كثيرا أمام كلمة "التراث" التي يطلقها البعض على كل ما أنتج في الماضي ليختزل بها ثقافة وحضارة امتدت لسنوات وشكلت تجارب عميقة على امتداد جغرافية الجزيرة العربية وتداخلت مع أحداثها التاريخية. يجب أن نعلم أبناءنا أن التراث هو أكثر من كلمة، إنه حياة ممتدة للمستقبل كما يجب أن نتجاوز الصور المباشرة التي نرسم بها تراثنا إلى الكيفية التي تشكلت من خلالها تلك الصور. الجنادرية يقدم صوراً كثيرة ويصنع الفرصة للمقارنة واستخلاص الدروس، يجعلنا نفهم كلمة "الاجتهاد" و "الإبداع" التي مارسها أسلافنا عندما ابتدعوا كل ما يمكنهم من الحياة في جغرافية صعبة. هذا الاجتهاد وهذا الإبداع هو ما نبحث عنه ونفكر فيه ليكون مكون ثقافتنا وهويتنا الوطنية التي تطلب منا أن نرسمها على شكل إنجازات لا مجرد صور وكلمات مشبعة بالعاطفة.
حدث آخر أسعدني كثيرا فلقد صاحب الجنادرية هذا العام الإعلان عن جائزة الملك عبدالله العالمية للتراث والثقافة، وهذا ليس بغريب على خادم الحرمين الشريفين- يحفظه الله- فهو راعي المعرفة ونصير العلم واستحداث جائزة بهذا الحجم سوف يحدث تغييراً دون شك، والذي يبدو لي أننا مقبلون على مرحلة إعادة الاعتبار للعمل المعرفي في مجال التراث، فالجوائز يجب أن تهتم بهذا الجانب "الصعب" الذي يحتاج إلى عمل جاد ومشاريع ثقافية تمتد على مدى الحياة، خصوصا وأنه لا يوجد لدينا جوائز دولة، وبالتالي فإن الابداع والعمل الجاد لايجد من يقدره التقدير الذي يستحقه، والاعلان عن جائزة بهذا الحجم هو تتويج لربع قرن من العمل الجاد في الجنادرية. ما نتمناه أن يكون مهرجان الجنادرية طوال العام، وأن تكون أيام الاحتفال هو تتويج لهذا العمل المستمر. نتمنى أن يتحول المهرجان إلى شراكة مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي كي يصبح هذا المهرجان فعلا مساحة فعالة لتأكيد هويتنا الوطنية التي تحتاج إلى دروس وتجارب عملية يجب أن يعيشها أبناءنا مباشرة ويمكن أن توفرها لهم الجنادرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.