أفاق العريفة ضحى الجمعة وحفاف عينه الأيسر يرف، أخذ كسرة قزازة صبغ أحد وجهيها بالقار. نظر إلى وجهه، وتساءل «وين ذيك الهيالة يا جارالله» تناول الموس، وبدأ يشرّب اللحية، ويهذب الشارب، نغزته زوجته لتناول فنجال القهوة فجرح نفسه. التفت نحوها وقال: «ما عنك وعن النغزة يا العِرْق المصفوق»، رأت الدم فأسرعت وجمعت رمادة في كفها ومدّت بها. لم يتناولها وصرخ فيها: «الرمادة فالك وفالك أهلك»، جمط من ورق عثربة في المسراب، ومضغها ثم وضعها على زغده، نظر للسماء مردداً «اللهم يعطينا خير هذا اليوم». أغرته الحشائش المزيّنة سفوح الجبال، فأخذ المحش، والقفة الكبيرة واتجه للحمى. بدأ يصرم، ويتمتم «يُقُلْ حميد ابن منصور، يا حيرتي من زماني، أمنت من حيث ما خاف، وخفت من حيث أماني» سمع صوتاً ينادي من بعيد: «الحق يا عريفة. ألحق يا عريفة»، تباطأ في الالتفات، وإذا بابن جيرانهم مقبل عليه، محتزم بعمامته، وأقدامه الحافية تصافق بالحجارة، وصل عنده مع قول المؤذن «الله أكبر». أبلغه أنه سرح بغنمه، وانشغل عنها بصيد الطيور بالمنسبة، فنزلت الغنم في تين ابن مرضي، فطب ابن مرضي وحذف الغنم بالحصى، وفقع عين الشاة الكبيرة، وشمّطه بمطرق رمّان لين أدمى جلده، وأضاف: «سمع آبي صياحي ففزع، وشاف عين الشاة فصفق ابن مرضي بالجنبية واحتزّ واحدة من أذنيه» سأله: وين هم ذلحين، فأجاب «كلهم في بيتك». حوقل ونظر إلى أعلى، وقال: «هذي نهاية يوم أوله رفّة حفافي ورمادة من يد المخورة». صلى الجمعة، مع نصف الجماعة، وطلب ثلاثة من الموامين، وقال للباقين مكفيين الله يلقّيكم خير. عندما دخل إلى بيته وإذا بالمجلس ضاك بالنساء والرجال. أنصار ابن مرضي في جهة، وأنصار ابن راضي في الجهة المقابلة. صرخ بأعلى صوته: «اللي ما له لزوم يغدي يشوف له لزوم» وانفرد بابن مرضي، وسمع منه، وقال: «ذلحين يا السلفوغ تحط عقلك بعقل الشاة يوم تفقع عينها»؟ فقال: الشيطان يا عريفة. واستدعى ابن راضي، ولطمه كف، وأجلسه، وقال «إيدك ثاني مرة تحطها في دغدغك»، طلب من ابنه شنّان يذبح كثيرة الشحم، صبيحة اليوم الثاني لقي شنّان وأمه يأكلان لحمة باردة، نزل المراح فافتقد فحل الغنم، وقال: «شين مخلاها وشين قبالها، وشين مخلاها بغير قِبال». علمي وسلامتكم.