لمدة من الزمن تمددت مدينة جدة عمرانيا نحو الشمال، مكونة مجموعة كبيرة من الأحياء والمخططات التي طورت وفق معايير حضرية وتعكس النمو السكاني المتنامي فيها. ومن المنطقي أن يواكب هذا النمو السريع تطور في مستوى الخدمات البلدية المقدمة لهذه الأحياء، وبشكل مساوٍ لبقية أحياء مدينة جدة ولا يقل عنها في المستوى، إلا أنه من الملاحظ أن أحياء شمال جدة، ومنها أبحر الشمالية، لم تحظ باهتمام الجهات الخدمية بالشكل المطلوب، بدءا من محدودية المداخل المؤدية إلى الحي والمقتصرة على مدخل دوار الجمال، وانخفاض جودة الشوارع داخل الحي، حتى أن بعض المناطق في الحي لم تتم سفلتة شوارعها، خصوصا الفرعية منها لأسباب غير معروفة على الرغم من أن الحي ليس بجديد. كما يعاني الحي من انعدام الخدمات الرئيسية كالصرف الصحي والمياه، ناهيك عن الاتصالات وشبكة الألياف البصرية وأعمدة إنارة تزين الطريق دون أن تعمل. ولا أبالغ إذا قلت إن جولة بسيطة داخل الحي ستجعلك تستغرب أن مدينة بعراقة وأهمية جدة، توجد بها أحياء غير مسفلتة، شوارعها محطمة بلا إنارة، أحياء لا تستطيع السير داخلها دون أن تعرض مركبتك للأضرار! تصبح الكارثة أكبر كلما تعرض الحي للأمطار، فبرك المياه التي لا تجف بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية، تصبح بيئة خصبة لانتشار البعوض الناقل للأمراض المختلفة ومنها حمى الضنك، ما يثير التساؤلات حول دور البلديات الفرعية والشركات الخدمية في معالجة هذه السلبيات. وفي استبيان بسيط نشر على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حيال رضا السكان عن الخدمات المقدمة، شارك فيه 507 مشاركين نتج عنه أن 94% من المشاركين غير راضين عن مستوى الخدمات المقدمة وحالة الحي، ما يستدعي وقفة جادة لمعالجة مشكلات الحي. إن الحل يكمن في وجود مكتب لتنسيق المشاريع يدرس المشكلات التي يعاني منها الحي، ومن ثم وضع خطة قابلة للتنفيذ لمعالجتها بدءا من الأهم «الحلول العاجلة» ثم الأقل أهمية، ويتولى هذا المكتب التنسيق بين الجهات الخدمية وتوحيد معايير التنفيذ والتصميم، كي لا تنتج لنا درجات متفاوتة في جودة السفلتة على سبيل المثال، ومن ثم يشرف بشكل مباشر على تنفيذ ومتابعة الحلول العاجلة والرفع بالتقارير للمسؤولين.