على مدار الشهر الحالي اندلعت أعمال احتجاج ومظاهرات وشغب واسعة في فرنسا امتدت لدول أوروبية أخرى مثل بلجيكا وهولندا ولذات الأسباب من قبل من تم إطلاق لقب «السترات الصفراء» عليهم لارتدائهم لها كشعار موحد، أما سبب غضبهم فهو ببساطة بات سبب غضب غالب حركات الاحتجاج الواسعة في أنحاء العالم وهو تطبيق النظرية الاقتصادية المعولمة غير العادلة القائمة على تخفيض أو إلغاء الضرائب على الأثرياء لمنع هروب ثرواتهم إلى دول أخرى مقابل زيادة الضرائب على الطبقات غير الثرية أي الطبقة الوسطى وما دونها مما أدى فعليا لإلغاء الطبقة الوسطى بعد إفقارها بكثرة الضرائب بالإضافة إلى ما أدت إليه من ارتفاع فاحش بالأسعار مما خفض القدرة الشرائية لدى الطبقة الوسطى حتى باتوا لا يستطيعون تأمين أساسيات المعيشة الكريمة رغم عمل الزوجين ولفترات أطول من أي حقبة مضت، مع العلم أن الأثرياء رغم إعفائهم من الضرائب فثرواتهم لا تفيد بلادهم؛ فمصانعهم واستثماراتهم تذهب غالبا إلى الدول الفقيرة في آسيا حيث يمكنهم دفع أقل قدر من الرواتب والحقوق للعاملين، وبسبب وجود هذه المنافسة باتت أيضا أجور العاملين في مهن الطبقة الوسطى بفرنسا لا تكفي لحياة كريمة، وبسبب كون الضرائب على الأثرياء أقل من التي على غير الأثرياء فهذا أدى أيضا للقضاء على المحلات العائلية البسيطة التي يملكها الأفراد لصالح المحلات الكبرى التي يملكها الأثرياء أصحاب الماركات العالمية، وللأسف قرأت كثيرا من التعليقات العربية تتكهن أن الشغب الذي صاحب الاحتجاجات وراءه عرب وأجانب وكأنهم بالفطرة همج! وواضح أنهم لم يشاهدوا ولا تقريرا واحدا فيه لقاءات مع السترات الصفراء، وأود أن أحيلهم لتحقيق فرنسي مفصل عرضته قناة «France24» الفرنسية الناطقة بالعربية بعنوان «سترات الغضب» 8/12/2018 فيه لقاءات مع مجموعات السترات الصفراء ظهروا بوجوههم وأسمائهم الحقيقية وليس فيهم عربي وأجنبي واحد كلهم بيض مسيحيون وفرنسيون أصليون وليسوا عاطلين بل يعملون بمهن الطبقة الوسطى لكنهم يعيشون كفقراء بسبب هذه السياسات، أما المخربون فهم؛ شباب الجماعات اليمينية وجماعة «casseurs-المكسرين» التي تشبه جماعات العنف الرياضي «الهوليجنز»، ونقابة الشرطة الفرنسية أعلنت الجمعة الدخول بإضراب مفتوح تضامنا مع الإضراب الذي أعلنته «السترات الصفراء» ووقع رجال شرطة على عرائض السترات الصفراء فهم أيضا متضررون من هذه السياسات الاقتصادية، ورغم إلغاء الحكومة لزيادة ضريبة الوقود تجاوبا مع الاحتجاجات وإعلانها مساعدات للفقراء لكن الاحتجاجات استمرت فالشعب يريد إلغاء تلك النظرية الاقتصادية غير العادلة من الأساس. * كاتبة سعودية [email protected]