الشيخ عبدالله بن حامد.. حكمة الجبل ونبض القبيلة في قلب الوطن    مفاوضات أميركية فورية بشأن الرسوم مع كوريا واليابان والهند    رئيس الوزراء المصري يلتقي مساعد وزير الاستثمار    الأمم المتحدة تدين الهجمات على مخيمات النازحين بالسودان    الرئيس الأميركي يتوقع اتخاذ قرار بشأن إيران على نحو سريع    «حماس» توافق مبدئيًا على توسيع صفقة الأسرى.. انفراجة محتملة بالمفاوضات    محاربو تيجراي القدامى دون رعاية صحية كافية    الحروب تسرق التاريخ..متحف السودان الوطني نموذجا لدمار التراث الثقافي    الذهب الإلكتروني لجامعة سعود    أدبي الباحة يحتفي بنجوم المستقبل    وفد رسل السلام يزور مكتبة الملك عبدالعزيز ويشيد بجهودها الثقافية    الشورى يقر مشروع نظام رعاية الموهوبين    تدشين مبادرة مهارات المستقبل ضمن الشراكة السعودية - البريطانية    مباحثات سعودية - أوروبية    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    القبض على مواطن لتكسيره زجاج مواقع انتظار حافلات في الرياض    جامعة أمِّ القُرى تشارك في المعرض الدولي للتعليم (EDGEX)    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري لإدارة الإعلام والاتصال المؤسسي    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يزوران أول بئر للنفط بالمملكة    الصبّان رئيس اتحاد التايكوندو المكلّف: المرحلة انتقالية والمسؤولية مضاعفة وتضافر الجهود مطلب    في جدة.. إثارة الفورمولا 1 تعود على أسرع حلبة شوارع في العالم    الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تنظم النسخة الخامسة من المنتدى الدولي للأمن السيبراني أكتوبر المقبل    الصحة القابضة والتجمعات الصحية يحصدون 8 جوائز في معرض جنيف الدولي للاختراعات    جمعية مرفأ للخدمات الأسرية بجازان تستقبل مفوض إفتاء عسير    وزارة البلديات وأمانة الشرقية و وبرنامج الأمم المتحدة يطلعون على مبادرات التطوير والتحول البلدي    الخريف : نسعى لتمكين الشباب وإكسابهم المهارات اللازمة لوظائف المستقبل في الصناعة والتعدين    محافظ الطائف يشارك لاعبي المنتخب السعودي تحت 17 سنة فرحتهم بالتأهل إلى نصف نهائي كأس آسيا 2025    لعل وعسى    أمّ القرى ترتقي بمنجزاتها على منصّات التتويج الدولية 2025    أمير تبوك يقلد مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة رتبته الجديدة    أمانة الطائف تحوّل موقع مهمل إلى رئة جمالية جديدة .    تجمع الباحة الصحي يشارك في قافلة التنمية الرقمية    فريق طبي ب "تجمع الباحة الصحي" يشخّص حالة طبية نادرة عالميًا    "محراب" أول قائد كشفي يرتدي الوشاح الجديد لكشافة شباب مكة    لبنان دولة واحدة تمتلك قرار السلم والحرب    في انطلاق الجولة29 من" يلو".. النجمة للمحافظة على الوصافة.. والطائي للتعويض    تعرف على المنتخبات المشاركة في كأس العالم تحت 17 عاماً FIFA قطر 2025TM    السوق السعودي يغلق على ارتفاع    بلدية محافظة الرس تطرح 13 فرصة استثمارية في عدة مجالات متنوعة    ترقّب لاختراق حاسم نحو إنهاء حرب تستنزف الجميع.. تقارب واشنطن وموسكو يقابله تصعيد دام في أوكرانيا    التعامل مع الأفكار السلبية.. تحرير العقل وكسر قيود الذات    لكل المشكلات في القرآن كل الحلول    ضغط عسكري متزايد على آخر معقل للجيش في دارفور.. الدعم السريع يصعد في الفاشر ويستهدف مخيمات النازحين    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توقع مذكرة مع جامعة الملك خالد    وقفات مع الحج والعمرة    أسرة العساكر تحتفي بزواج خالد    مدير فرع الهلال الأحمر يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية    أمانة جدة تصادر 30 طنًا من الفواكه والخضروات    "ترند" الباراسيتامول يجتاح أمريكا وأوربا    مؤتمر لتحسين جودة الحياة الأحد المقبل    الأخضر السعودي تحت 17 عاماً يتأهل إلى نصف نهائي كأس آسيا على حساب منتخب اليابان    جامعة جازان تستضيف ندوة "الإفتاء والشباب" لتوعية الجيل بأهمية الفتوى    شيخ علكم إلى رحمة الله    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    









العقوبات الأمريكية وفك الارتباط العراقي - الإيراني
نشر في عكاظ يوم 12 - 11 - 2018

سل عن الجار قبل الدار، هكذا تقول العرب، فإن طابت العلاقة مع جارك، ارتحت في مسكنك، وإن ساءت، فإما لك أن تبيع دارك، أو تقفل بابك لتستريح، وإن كان الحل الأخير أضعف الإيمان.
ونرى هذا الأمر جليا عند التفاوض على شراء منزل، فصاحب المنزل أو الوسيط، يبدأ بالكلام عن الجيران وطيبتهم، وبأنك سوف لن تندم أبدا على هذه الصفقة، فأنت إنما تشتري منزلا وجارا طيبا في آن واحد. وإذا فعلا صح كلام البائع، فلعمري أن تشتري مثل هذا البيت، حتى لو زاد سعره عن مثيلاته، فأنت رابح بشكل أو بآخر.
إلا أن الأمر مختلف مع الأوطان، فالجار فرضه القدر دون اختيار منك، وعليك التعايش معه شئت أم أبيت، فليس من المعقول أن يباع الوطن لشراء وطن آخر له جيران طيبون. فعلاقة الجوار الدولية بين مد وجزر، ويوم حلو وآخر مر، فإذا كنت ضعيفا استغلك، وإن كنت قويا استقوى بغيرك، وإن كنت متوازنا وحصيفا تداركت المشاكل معه.
وإذا مرت الدول في كافة أصقاع الأرض بشتى أنواع العلاقات مع جيرانها، إلا أن الجوار العراقي-الإيراني، قد يكون نموذجا لدراسة علاقات الجوار الدولية، لما لهذين البلدين من تاريخ موغل بالقدم، مرت فيه الدولتان بمختلف أنواع العلاقات، من حسنة وودية أو حروب واحتلالات، مرورا بمقاطعات وحصار.
وقد أختلف مع الفيلسوف الكبير هيجل، عندما يقول إن التاريخ لا يفيد السياسي بشيء، كون التاريخ لا يعيد نفسه، وأقول أنا العكس من ذلك، إن التاريخ يعيد نفسه، لكن بصور مختلفة، تبعا للظروف الحضارية وشخصيات القادة.
فعلى مر تاريخ البلدين الجارين وحتى تأسيس الدولة العراقية في العام 1921، نرى أن ما يعيق إيران من الاستئثار بالعراق هو القوى الخارجية، من رومانية وعربية وتركية، إما على سبيل المنافسة أو لإبعاد الخطر الفارسي عنها.
وبعد التغلغل الإيراني العميق داخل الدولة العراقية منذ سقوط النظام العراقي السابق، والذي عجزت معه الولايات المتحدة عن الحد منه، برز العامل الاقتصادي المتمثل بالعقوبات الجديدة ضد طهران، والتي أدخلت عليها تحديثات جعلتها تتلاءم وإنهاء النفوذ الاقتصادي الإيراني في العراق، والذي سوف يكون مقدمة لإنهاء نفوذها السياسي. فالعراق يعتمد وبشكل كبير على المنتوجات الإيرانية، وبحجم تبادل تجاري قد يفوق الثمانية مليارات دولار، حصة الصادرات العراقية منه قد لا تمثل شيئا يذكر، مما يعني أن العراق يمثل سوقا مهما لإيران، ومنفذا يعول عليه للخروج من عنق العقوبات. وقد كان الأمل يحدو الحكومة العراقية لاستثنائها من الالتزام بهذه العقوبات، فهي لا تريد التورط بالعداء مع إيران من جهة، ولا تريد أن تجازف باستقرار سوقها الذي يقف على أرض هشة.
ومع التعنت الأمريكي بعدم استثناء العراق من الالتزام بهذه العقوبات، وإعطاء بغداد مهلة 45 يوما من أجل إيجاد بدائل عن الواردات الإيرانية من الغاز والطاقة الكهربائية، تبرز المخاوف لدى الحكومة العراقية من انهيار الأسواق المحلية، وحدوث تضخم مالي بسبب قلة السلع.
ويمكن القول إن الحكومات العراقية السابقة كانت كسولة، حيث إنها اعتمدت وبشكل كبير على إيران أو حتى على تركيا، ولا تريد أن تدخل ميدان الدول الصاعدة، حيث خلقت من العراقيين شعبا مستهلكا بامتياز، وبددت طاقاته البشرية وثرواته النقدية باستيراد غير منضبط، رامية بالمنتج المحلي عرض الحائط، فالمصانع العراقية بدلا من العمل داخل العراق لتشغيل الأيادي العراقية، وجدت من إيران وتركيا أرضا خصبة للاستثمار، ليتكدس العراقيون في الوظيفة الحكومية، في بطالة مقنعة، تقترب فيها إنتاجية الموظف من الصفر.
لذا فإن أمام العراق فرصة كبيرة في إعادة توازنه الاقتصادي، والابتعاد عن شبح الدولة الريعية التي تعتمد على تصدير النفط، ليس من باب مصائب قوم عند قوم فوائد، وإنما عودة إلى الاستحقاقات الوطنية.
ويبدو أن الشركات العالمية تقرأ الأوضاع السياسية الدولية أكثر من السياسيين أنفسهم، فقبل الحديث عن موضوع استثناء العراق من الالتزام بالعقوبات تجاه إيران، تسابقت كل من شركتي سيمنس الألمانية وجي أي الأمريكية، من أجل الفوز بعقود الطاقة الكهربائية التي يعاني العراق من نقصها ومنذ سنين طويلة، ويعمد إلى استيراد جزء منها من إيران، وبمبالغ ليست بالقليلة، ناهيك عن شراء الغاز، في بلد لا يقل الغاز فيه عن الغاز الإيراني، وهو موضوع لا يحير كاتب هذا المقال فحسب، وإنما خبراء الاقتصاد المحليين والدوليين. لذا فهناك فرصة كبيرة في أن تقوم هذه الشركات العملاقة في إعادة بناء البنى التحتية، التي سوف تكون عماد الاقتصاد السياسي القادم. أما إذا بقى الاعتماد على إيران أو تركيا، فالحال يبقى على ما هو عليه في العراق، لتكون له مع كل صيف قائظ هبة أناس يبحثون عن نسمة هواء باردة.
فللعراقيين وطنهم وللإيرانيين وطنهم، فكما حكومة طهران حرة في سياستها، يجب أن تكون الحكومة العراقية هي الأخرى حرة في سياستها، لكن ليس على حساب المواطن العراقي، بل من أجله.
وعلى كل حال، تبقى مسألة السياسيين العراقيين وتوجهاتهم نحو طرفي النزاع الأمريكي-الإيراني، من مع ومن ضد، مثار جدل وصراع، وأعتقد أن الأمور سوف تكون أقوى من هؤلاء السياسيين. فالسيل جارف، ومن يقف بوجه، فسوف يأخذه بعيداً.
* ينشر هذا المقال بالتزامن مع «سبوتنيك عربي»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.