يعاني تنظيم «الحمدين» من كابوس السعودية. يحلم ليل نهار على أمل أن «تمحى» من الوجود. هذا ليس كلاماً مرسلاً أو بيعاً للوهم، بل حقيقة معاناة «العاق» حمد بن خليفة، وزمرته الفاشلة، وذلك باعتراف شهير منه في تسجيل صوتي «مسرب» خلال مكالمة هاتفية مع معمر القذافي قبل سنوات بقوله: «بعد 12 سنة لن يكون هناك سعودية». ذهبت السنين وحمد لا يزال يموت كمداً ويعيش أعوامه العجاف بالحسرات! يُجمع غالبية المراقبين في الداخل والخارج على أن الحملة الراهنة على السعودية، ومحاولات تشويه سمعتها، والإساءة لقياداتها، وإنسانها، بأنها «غير مسبوقة»، لجهة اصطفاف من يشنونها ويقفون خلفها في توقيت واحد، بعبارات واحدة وعناوين متطابقة وكأنها تصدر من غرفة أخبار واحدة. ليس خافياً على السعوديين من يستهدف بلادهم، ومن يقف خلف تلك الحملة «المسعورة»، ومن يمولها.. وما هي أهدافه وأبعاده، ومثل هذا القول لا علاقة له بنظرية المؤامرة بل حقيقة دامغة. يتناسى هؤلاء أنهم يصطدمون بسعودية راسخة لا تتزحزح. دولة قوية فتية بقادتها ورجالها، واقتصادها، ومقدساتها وثرواتها، وبخياراتها وسياساتها المستقلة، ترسم لشعبها خريطة مستقبل معتمدة على سواعد شبابها المتأهب للدفاع عنها مهما تعاظمت التحديات وتكاثرت الحملات! بعد مرور نحو 35 يوماً على اندلاع أزمة وفاة الزميل جمال خاشقجي، بدأت الحملة الإعلامية تذبل وسكرة البعض تذهب، والأهم أن كل مراقب للأحداث بدقة في الشرق أو الغرب، لاحظ أن غالبيتها منسقة من قطر والجماعات التي تمولها، والتابعة لها التي تملك فضائيات مؤدلجة في تركياولندن، وهذا يؤكد مجدداً سلامة قرار مقاطعة قطر، فإما أن تعود جارة صالحة أو تبقى معزولة منبوذة للأبد. أنفقت الدوحة ولا تزال تنفق ملايين الدولارات على المرتزقة والمؤدلجين والمارقين من أجل تغطيات صحفية وتلفزيونية لتشويه السعودية والتحريض عليها، بالتزامن مع تمويل منظمات يسارية غربية وتوظيف أذرعها الإعلامية - خصوصاً قناة الجزيرة ووسائل إعلام الظل التابعة لها في لندن تحديداً - لإبقاء فتيل الحملة مشتعلاً اعتقاداً منها أنها قادرة على زعزعة السعودية والتأثير على علاقاتها الدولية، عبر ترويج الأكاذيب وتضخيم التسريبات الزائفة، ومزاعم المصادر المجهولة. لا شك أن الجهات التي تشن الحملة رأت في حادثة وفاة خاشقجي ورقة رابحة لضرب السعودية وتشويهها عالميا، وأبرز المستفيدين هما التركي والإيراني، متخذين من دويلة الشر مطية لذلك. كان أبلغ رد، هو لطم صلاح خاشقجي وشقيقه عبدالله للراقصين على الأزمات والمزايدين على دم والدهما لطمة قوية خلال لقائهما في قناة «سي إن إن» فقد أربكا خيالات الإعلام الرخيص وألجما المزايدات السياسية بتعبيرهما عن ثقتهما ببلادهما، وبوعد الملك بتقديم المتورطين للعدالة. وإعلان صلاح عودته إلى وطنه وعمله قريبا، رافضا تسييس قضية والده. دويلة «الحمدين» مستعدة للإنفاق على الإرهابيين والجماعات المنبوذة بكل سخاء وبلا حدود. وتمويل «الجزيرة» بأذرعها ما دام مستشاروهم يؤكدون لهم أنها ستحقق أهدافهم ورغباتهم في قيام «الجزيرة الكبرى»؛ إن عاجلاً أو آجلاً! قضية وفاة خاشقجي مدانة وبشعة بكل المقاييس، لكنها لا تتعدى كونها جريمة، وهو ما أعلنته السعودية بوضوح في بيان رسمي، ولم تنكر الجريمة كما يفعل غيرها، بل شددت على أن التحقيقات مستمرة تحت إشراف النيابة العامة وهي جهة مستقلة، وأن الجناة سيعاقبون والعدالة ستطبق، ونتائج التحقيق ستُعلن للعالم أجمع. الأكيد أن المسلسل التركي سينتهي مهما حاول مخرجوه تمديد حلقاته وسيناريوهاته «المتذاكية». أما قضية خاشقجي فلن تكون الأخيرة في محاولات تشويه المملكة. ولكن السعودية لن تكون قبل هذه الأزمة كما بعدها، ولن تقارن أصحاب المواقف الشريفة مع الرمادية، فهي دولة قادرة على هندسة علاقاتها مجدداً، ولن ترتهن لأية أجندات أو استهداف أو ابتزاز سياسي. وستعمل مع الكبار ولا وقت لديها لإهداره مع الصغار، بل ستعمل على تطوير وتنمية إنسانها ومؤسساتها بما يواكب المرحلتين الراهنة والمستقبلية. والنتيجة، لمن يفهم السياسة جيداً، يعلم وضوح موقف قطبي العالم أمريكا وروسيا من الرياض وعلاقاتهما بها وحفاظهما عليها.. وسيندم - عما قريب - الأشرار الذين سيزدادون لطماً وصياحاً ونياحاً.. والقافلة تسير والكلاب تنبح!