(1) ثلاثةُ أيام، والمطرُ يرقصُ على الأرض.. هذا ما قرأه كتابُ الوقت على الناس، أمّا أنا فلا أصَدّقُ الوقت، ولا أصدّقُ الأيّام.. ! (2) كلّ الأيام تكذبُ في نظري، عدا اليوم الذي غُمِرْتُ فيه بنورٍ لا مثيلَ له.. في ذلك النهار: اغتسلتُ بِ (مطريْن) ! (3) من «الثلاثاء» إلى «الخميس» لم يكفّ المطر عن طرق أبواب المدينة هكذا يقول الظنّ، والوهمُ أيضاً.. أمّا اليقين فله رأيٌ آخر، يقولُ لي: إنّه يومُ «الأحد» يدورُ دورتَه الحزينة ! (4) الغيمُ طويل النوم، ولا يستيقظ بسهولة.. إنّه بحرٌ من الكسلِ والخمولِ الدائمين ! (5) الغرفة التي يسكنُ بها الغيم بُنيت من «ماء»، وكلّ أثاثِها من «ماءٍ» أيضاً، لذا هو، أي الغيم، لا يظمأُ أبداً، وكلما شرب رشفةً كلما أحسّ بنومٍ شديد ! (6) كم هو كسولٌ وعاقٌّ هذا الغيم ! (7) أخيراً، نزل المطر بصخبٍ وعنفٍ وجنونٍ أشدّ.. تُرى مَن أيقظَ الغيم؟ وسط ذلك الجنون أطلقتُ جنونَ السؤالِ عالياً، فقهقه (الرعد) وضحك (البرق)، كأنما يسخران مني ! (8) منذ كم.. وعقلي في ضبابٍ غير جميل، والمطرُ يملأُ قلبي بالجراح؟ منذ كم.. وأنا أحترق؟ (9) من الآن لن أغادر غرفتي، وسأظلُّ نائماً وكسولاً، ولن أفيق ! (10) أيتها «السماء».. احسبيني ابنك «الغيم»، وأدّبيني قليلاً ببعض العبق ! (11) أعرفُ أنه اختيارٌ يائس، لكن ماذا أفعل؟ فكلّ ما أريده هو أن أغتسل بِ(مطريْن) ! (12) من المؤكد أن أحداً لم يسمعني.. لأحترق إذاً.. !!