قد يكون الموظف مهتما بما يؤديه ليحصل على مرتبه في آخر الشهر، ولكن الأمر يعد بلا قيمة حقيقية إذا لم يوجد الإخلاص في العمل، خاصة إذا كان هذا العمل يخدم رسالة إنسانية لها قيمها وجوهرها كالتعليم، الأمر الذي لا يقل أهمية عن العمل في أي مجال آخر. حادثة ضرب المعلم الذي ظن أنه يصحح تمرد الطالب، والتي انتشرت صورها وكأننا نتفاجأ ولم نسمع بحدوث أشياء مشابهة، رغم أن السلوك العنيف الذي تتفاوت مستوياته يظهر على طباع بعض من يعملون في التعليم، بمقابل ضعف تربية البعض من الطلبة التي تجعل من العمل في التعليم مهمة صعبة، ناهيك عن عدم استشعار بعض المعلمين بقيمتهم وبمسؤولية الرسالة التي يؤدونها، قد يستحضر بعضهم ضغوطات الحياة ويفرغها أثناء صدور أي حركة مستفزة من طلاب الفصل، وينسى أنه مرب ومعلم في المقام الأول وأن طريقة تفاعله تعطي تأثيرها، فتخرج التربية عن التعليم عوضا من أن تنبع منه. نعلم أنه من الواجب علينا تعظيم دور المعلم في أعين أبنائنا حتى يعرفوا ما هي القيمة الجوهرية من التعليم بواسطة الرسالة السامية المتمثلة في دوره كمعلم، فيصبحوا على قناعة بأن الفكرة الصحيحة تؤخذ منه، وقد يختلف الأبناء معنا إذا كانت أفكارنا لا تتفق مع أفكار بعض معلميهم كمؤشر على قوة تأثير المعلم في شخصية الطالب. إذا كانت الأسرة مقلة في الاتصال مع أبنائها ولا تعرف كيف يسير تعليمهم وماذا يكتسبون من الأفكار والسلوكيات فقد يحدث ألا تجد المشكلة مجالا للتراكم، ذلك يعني أن تأتي التنشئة بمعزل عن المتابعة الأسرية التي تتطلب حوار الابن في أفكاره ومكتسباته التي يتأثر بها من خارج المنزل، وما يتطلبه الأمر من معالجة بتعزيز الإيجابي واستبعاد السلبي من المكتسبات، حيث إن فئة من الأسر لا يتدخلون في التعليم ويعولون على دور المدرسة في نجاح أبنائهم أو فشلهم، وفي تحديد خياراتهم المستقبلية، فلا بد من أن تكون الأسرة على مستوى من الوعي لإدراك ذلك. يأتي دور وزارة التعليم في إعداد المعلم وفق منهجية تربوية تخدم الغرض التربوي والتعليمي، بالطريقة التي تقيد سلوك المعلم حتى يكون مؤهلا لتربية الطلبة قبل تعليمهم، حيث لا يفتح المجال لتشويه أفكار النشء أو التعامل معهم بأي سلوك عنيف يجعلهم يكتسبونه ويطبقونه في واقع حياتهم، بل إن ذلك يساعد في تنشئة سليمة لا تتقبل أي فكرة أو سلوك خاطئ يمكن اكتسابه من خارج أسوار المدرسة. * كاتبة سعودية