لا شيء يدعو للضحك هذه الأيام سوى مسلسل الطقطقة الاتحادية على خيبة الستة، ضحك قد يصل إلى حد الغرابة، خاصة وأنت ترى النصر يخطف أرواح الجماهير السعودية في الملعب، يقدم كرة عالمية بمدرب أقل إمكانيات من الأندية الضاحكة، وموج الهلال الذي لا يهدأ بثمانية أجانب وبدونهم، وتعود للأخير فتجده يكركر ضاحكا، حينها لا تتذكر من الأمثال إلا أسوأها. حتى أصبحنا على قناعة تامة أن أكثر الجماهير «طقطقة» هم أكثرهم تعاسة، وأن النكسات تولد السخرية والنكات. هنا لا تضع اللوم على الجماهير فسخريتهم انعكاس لحالة غضب داخلية تفوح بال«طقطقة»، ولكن تلوم الأندية التي وصلت بجماهيرها إلى هذا الحد، فكلا الفريقين لديهما ما يدعو إلى الضحك، خاصة وأن القاسم المشترك في الناديين رقم (6)، فالأول من ست مباريات يحصد نقطتين، والثاني في مباراة واحدة يحصد ستة أهداف في مرماه، والغريب أن كل ذلك الفيلم الكوميدي يحصل في الجولة السادسة. ولعل الجماهير الصفراء وجدت ما ينفس عن كبتها بموجة عارمة من الرسائل الضاحكة، وهي فعلا تثير الضحك، بعد أن ظلت خلال ست جولات تستقبل عبر «جوّالاتها» فنونا من النكات، لتلتقي جماهير الناديين في ساحة خارج حدود المنافسة الرياضية، وتضرب عليهم كل الأمثال العربية وغير العربية، فبإمكانك أن تقول: «التم المتعوس على خايب الرجا»، أو تقول كما يقول أهل الحجاز: «اتلم تنتون على تنتن واحد... والثاني...». أو كما يقول إخواننا في الشام: «التقى سردان على بردان». ويقال أيضا في نفس الاتجاه: «منحوس ولو علق على رأسه فانوس»، وفي موروثنا العربي يقولون: «الطيور على أشكالها تقع». فحالة السخرية التي يعيشها جمهور الناديين تحتاج إلى دراسة مستفيضة تشرح المشكلة وتحدد مواقع الخلل، رغم أن الأمر لا يحتاج إلى كثير من التدقيق، فنادٍ ظل يمر بظروف سيئة للغاية لكنه يحصد البطولات وعندما يأتي الفرج ينتكس ويصبح في حال أردى، فماذا تقول لإدارته وجهازه الفني، سوى أن يعملا بجد لإخراج الجماهير من حالة البؤس، وهم يرددون «أعيدوا لنا الديون». والآخر تتوفر أمامه كل أدوات النجاح، ولكنه كالابن المدلل الذي سخر له والده كل شيء، لكنه بليد بالفطرة، لا يعرف طريق النجاح، وكل ما في الأمر أنه يرتدي أجمل الثياب. فاصلة: قد يدفعك إنسان لأن تحب مدينة، حياً، شارعاً، ثم التفاصيل الصغيرة.