للنقد وجوه عدة، ولعل من أهمها الملامح التي ترتسم على وجوه السعوديين ما إن يبدأوا ب«الطقطقة» على حدث ما، أو تصرف ما أو شخصية شاءت ظروفها السيئة أن تكون في مرمى سهام تلك الطقطقات، التي تتحدر من الاستهزاء بطريقة لا تخلو من الفكاهة والطرافة، وبأنواع عدة، بداية بالكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى المقاطع المسموعة والمرئية، مع تمثيل تلك المشاهد التي تجعل من الحدث «حديث الساعة» على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا الأمر يسهم بشكل غير مباشر في «شهرة للشخصية الأساسية» ومن يطقطق عليها، حتى يقف في مصاف المشاهير الحقيقيين، ويمتهن الطقطقة التي لا يجاريه فيها أحد. ويعود أصل كلمة «الطقطقة» في المعاجم اللغوية إلى «طق»، وهو صوت حجر حين يقع على الحجر أو على أرض صلبة، وإن تضاعف يقال له طقطقة، وقيل إنه صوت الحجر والحافر، والطقطقة فعل مثل الدقدقة، وفي المعنى الشعبي معنى كلمة يطقطق عليك أي «يسخر منك، ويُضحك الناس عليك ويضحكك على نفسك». وباتت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للطقطقة، التي يصفها البعض ب«تصفية الحسابات الشخصية تارة، وتارة أخرى بالسخرية من قرارات وزارية، وشخصيات عامة، والتعصب للنوادي الرياضية». وما بين حرية الرأي للنقد البناء، والطقطقة خيط رفيع، وأكد المحامي فهد الشلوي أن «المجتمع تمكّن من دمج المفاهيم وإزالة الحدود في ما بين حرية الرأي والسخرية من الآخرين وجعلهم أضحوكة». وشدد على أن «الساحة مفتوحة والشواهد لدينا كثيرة، والطقطقة على كائن من كان تمكنه من التقدم برفع دعوى قضائية، يتم النظر فيها، وتصدر بحق المتهم عقوبة تعزيرية في حال ثبوت ذلك عليه». وأضاف الشلوي: «مع الحكومة الشبابية الجديدة، من الملاحظ أن هناك فسحة وحرية تعبير، ولو أخذنا ما أثير من طقطقة حول أحد الوزراء في وقت سابق، فبإمكانه أن يرفع مئات الدعاوى القضائية ويكسبها جميعها، لكن لم يتم الالتفات نحو كل ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك فرق بين النقد من أجل التحسين وبين السخرية». وأكد: «هناك انعكاس سلبي ينتشر حول العالم للمجتمع السعودي بسبب الطقطقات السلبية، ما جعل منا محط سخرية، مشكلة مجتمعنا براعته في التحطيم، ولا نغفل جانب أن الطقطقة في الوقت الحالي تقود توجهات وتغيّر مفاهيم في مجتمعنا، الجيل السابق كانت مفاهيمه راسخة قوية ورادعاً، أما الجيل الحالي فإن العالم أمامه مفتوح من خلال جهاز محمول».