وقع وزير الإسكان ماجد الحقيل في واحدة من أقوى موجات (الطقطقة) بعد استهلاله ندوة فكرية في الرياض بالقول: إن مشكلة الإسكان مشكلة فكر. في لمح البصر ظهرت الفيديوهات والنكات والرسومات الساخرة، وهذا طبيعي لأن الناس تنتظر البيوت لسنوات طوال وليست بحاجة إلى المزيد من التنظير، مع احترامنا لحق الوزير في إبداء رؤيته بما يتواءم مع حضور ملتقى نخبوي.. ولكن من سمات هذا الزمان أن ما يقال فيه عند النخبة مصيره سرعان ما يصل إلى الشارع، فيصبح حديث المقاهي والحارات فتتعالى القهقهات في الهواء الطلق وهي تناجي الأمل المفقود. باختصار، لم يعد الناس في القضية الإسكانية يثقون بكلمات من نوع (رؤية، دراسة، فكر، استراتيجية، خطة) لأنهم يسمعونها منذ أكثر من عقد من الزمان، وهم يريدون أن يشاهدوا -لا أن يفكروا أو يتخيلوا أو يخططوا- بيوتا حقيقية لها أبواب وشبابيك وحنفيات. كيف يحدث هذا دون منح الوقت الكافي لوزارة الإسكان كي تفكر وتخطط وتستشرف المستقبل؟، لا نعرف.. هذا شغلها وليس شغلنا، ما نعرفه ونفكر فيه دائما هو أن الدولة خصصت مئات المليارات من الريالات لحل الأزمة الإسكانية، وهي مبالغ من شأنها أن تحول الصحاري الجرداء إلى مدن سكنية راقية، وأنشئت وزارة الإسكان لهذه المهمة الملحة والواضحة، ولكن الوزارة طوال السنوات الخمس الماضية لم تسلم مشروعا سكنيا واحدا، ولا يبدو أنها ستفعل ذلك في القريب المنظور!. الطقطقة في الأصل تعني إمضاء وقت الفراغ بعمل بسيط، فيقال: إن فلانا يطقطق بكذا، ثم أصبحت في أزمنة التواصل تمضية وقت الفراغ بالسخرية من هذا الحدث أو ذاك التصريح، ووزير الإسكان عليه أن يتعامل مع إعصار الطقطقة -الذي هب عليه وكأنه إعصار تشابالا بمجرد انتشار تصريحاته (الفكرية)- بروح رياضية، لأن وزارته الموقرة تتسلى في وقت الفراغ بالطقطقة على المواطنين، ومعاليه أيضا يطقطق علينا فكريا، وبما أننا ننتظر البيوت ووقت الانتظار سيكون طويلا جدا -بما أننا لا زلنا في مرحلة الأفكار- فلا غرابة في أن يتسلى المواطنون خلال وقت الفراغ الكبير بالطقطقة على معاليه.