قبل أشهر قليلة كنت قد بعثت مقالا لي إلى صديق صحفي في أحد بلدان الغرب الأفريقي لكي يقوم بنشره في إحدى الصحف الواسعة الانتشار في تلك المنطقة، وكنت قد تحدثت في ثنايا المقال عن تاريخ المملكة المشرف في ذلك البلد وعن بعض خبايا وخفايا الدور القطري المفضوح هناك، وعن طرق دعمها للجماعات الإرهابية وسُبُل إمدادها لهم بالمال والعتاد في صفقات مشبوهة تحت غطاء العمل ومظلة العمل الخيري والإنساني، أو بتكرار المسرحيات الهزلية لتحرير الرهائن والمختطفين المزعومين في الشمال والغرب الأفريقي عن طريق دفع المئات من الملايين للخاطفين. فوجئت بردة فعل صديقي ومن تشنجه وامتعاضه الشديدين من ذلك المقال. وسألني مستنكراً من ضمن ما سأل: هل تريدني أن أُحسن إلى السعودية وأن أسيء إلى قطر التي يأتيني منها رزقي ورزق عيالي؟ هل تظن أني قد جننت؟ هل.. وهل.. إلخ. لوهلة ظننت أنني كنت أحادث وأراسل حمد بن جبر وليس صديقي الصحفي المسكين، حيث كانت مفردات حديثه تنم عن ولاءٍ مطلق للدوحة ولمشاريعها أياً كانت، وتوضح أيضا مدى تأثير بكتيريا المال القطري المشؤوم عليه وعلى قواه العقلية، وعن قوة تمكنها من طُرق التفكير والإدراك عنده، وكيف أن لوثة ذلك المال الموبوء كانت سببا رئيسياً في انتكاس المبادئ والمفاهيم لديه وفي موت وتحلل الضمير بعد تعفنه بين جنبيه، شأنه في ذلك شأن الكثير من السابقين الأولين من زعماء مرتزقة الإعلام القطري ممن باعوا أنفسهم رخيصة وألقوا بها كقرابين عند أقدام تميم أو بين أقدام أبويه من قبل، كأمثال من تبقى من فضلات ومخلفات هيئة الإذاعة البريطانية الذين وجدوا بين مستنقعات الدوحة الآسنة متنفساً طبيعاً ومناسباً لتنفيس أحقادهم الطبقية الدفينة ضد أهل هذه البلاد فأسسوا وكرسوا اللوبيات الإعلامية حول العالم لتحقيق تلك الغاية. ومهما كانت الأعذار لأولئك المرتزقة الصغار ومهما تعددت منهم المبررات فلن تغفر لهم الشعوب التي أضروا بها، بل إنها ستلعنهم، وستلعنهم الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل، وسيذكر التاريخ ما اقترفته تلك الجزيرة النتنة وما اقترفوه معها من مكرٍ وخداعٍ وتضليلٍ للشعوب وتحريضهم على سفك دماء بعضهم البعض، وتأجيجهم الفتن بينهم وإذكاءهم ونشرهم الفوضى والصراعات بطول وعرض بلاد العرب والمسلمين. وأما عن المملكة حماها الله والتي يسوؤهم أن يذكرها بالخير الذاكرون فإن قافلتها قد بدأت بالمسير منذ ثمانية وثمانين عاماً وليس جديداً عليها نباح النابحين أو تآمر المتأمرين ولن يضرها بعد اليوم تخاذل المتخاذلين، وستمضي تلك القافلة نحو غدها المشرق، بعون من الله، وبأمن منه وأمانٍ ورغد عيشٍ ورخاءٍ واستقرار في ظل قيادة حكيمة رشيدة لا تدخر جهداً في نشر الرخاء والأمان والسلام ليس على أرضها المباركة فحسب، بل وعلى كل أرضٍ وفي كل حين متى ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. * كاتب سعودي