في مثل هذا اليوم من كل عامٍ للوطن مع أبنائه وقفة، لا تكتفي بكلماتٍ منمقةٍ تقال ولا شعارات ترفع، بل هي وقفة مصارحة بمثابة كشف الحساب الذي منه يكتشف الأبناء أن فاتورة ما قدمه وطنهم لهم أعلى بكثير من فاتورة ما قدموه له منذ توحيده على يد فارسه البطل الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- إلى حاضره الزاهي.. أعوامٌ مضت، وكل عام منها نجد أن وطننا خطا خطوات نحو المستقبل، لكنها خطواتٌ ثقيلة جدًا لم يجارِ بها أوطان العالم المتقدم التي تسابق الريح نحو الحضارة الإنسانية.. اليوم نحن في مرحلة مختلفة تمامًا، ولا يستطيع فيها كل منصف يراقب المشهد إلا أن يجزم أن وطننا بدأ عهدًا جديدًا اقتفت فيه قيادته خطى من سبقوها في توثيق العلاقة التناغمية بينها والشعب، لكنها أجرت بعض التعديلات الجذرية المهمة التي كان يجب أن تحدث منذ سنوات، ومنها تحييد آلة «التحجير» التي ألقت بعوائقها أمام عجلات سيره، وكانت السبب المباشر والأهم في تأخره بعد تفصيل «خصوصية» منسوجة في معامل «الأهواء» مصبوغة باجتهاداتٍ دينية أقل ما يقال عنها إنها خاطئة.. قادت المرأة سيارتها، ودخلت الملاعب، وفُتحت أبواب الترفيه......، ولم نرَ أبناءنا الراقين، وبناتنا الراقيات بالغوغائية التي بشرنا بها «المحجِّرون» للعجلة.. في هذه المرحلة عرف الوطن مَن معه ومَن عليه، ومَن يبتسم له ويهتف باسمه نهارًا ويغرس خنجر الغدر في خاصرته ليلاً.. إن الوطن يمضي وقد حزم أمره، وبعث رسالةً بليغةً صدحت فيه من أقصاه إلى أقصاه، تدق أذن كل من يوسوس له شيطان نفسه بمجرد التفكير في الخروج عن المسار الوطني الصحيح، نصها: «زمن المداراة انتهى»، ومن يحاول الوقوف في المنطقة «الرمادية» قبل «الحمراء» سيجد القانون ينتزعه من منطقته ليعرف أن الأوطان لا تقبل إلا آراء الواضحين ولا ترتقي إلا بسواعد المخلصين. يمضي الوطن، ولن يلتفت ل«الشنشنات» المعتادة، والمعروفة أهدافها وما وراء آكامها، ممن يحشرون ما تبقى من أنوفهم «المجدوعة» في شؤونه الداخلية والخارجية غير عابئين باستقلالية القرار وتحديد اتجاه العلاقات وتقرير المصير.. حمى الله وطننا، وحفظ له «حزمه» و«عزمه»، وكل عام ونحن وهو في عزةٍ ورفعةٍ ومنعةٍ..